تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ١١٨
يختبران بالنار والمؤمن يختبر بالبلايا * (فأتمهن) * يعني عمل بهن ويقال * (فأتمهن) * فوفى بهن فلما وفى الأمر جعله الله تعالى إماما للناس ليقتدى به وفي هذا دليل أن الإنسان لا يبلغ درجة الأخيار إلا بالتعب وجهد النفس فلما جعله الله تعالى إماما " قال " له * (إني جاعلك للناس إماما) * و الإمام الذي يؤتم به فأعجبه ذلك وتمنى أن يكون ذلك لذريته مثل ذلك * (قال ومن ذريتي) * يعني اجعلهم أئمة يقتدى بهم قال الله تعالى * (لا ينال عهدي الظالمين) * يعني الكافرين يعني لا يصلح أن يكون الكافر إماما للناس ويقال لا تصيب رحمتي الكافرين فالله تعالى أخبره أنه يكون في ذريته كفار وأخبره أنه لا ينال مثل ما عهده إليه من كان كافرا قرأ حمزة وعاصم في رواية حفص * (لا ينال عهدي الظالمين) * بسكون الياء والباقون بنصب الياء * (عهدي الظالمين) * وهما لغتان ومعناهما واحد سورة البقرة آية 125 قوله تعالى عز وجل * (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا) * يقول وضعنا البيت يعني الكعبة معادا لهم يعودون إليه مرة بعد مرة وقال قتادة مجمعا للناس يثوبون إليه من كل جهة وفي كل سنة فلا يقضون منها وطرا * (وأمنا) * يعني جعلناه أمنا لمن التجأ إليه يعني من وجب عليه القصاص ولهذا قالوا لو أن رجلا وجب عليه القصاص فدخل الحرم لا يقتص منه في الحرم وهكذا روي عن ابن عمر أنه قال لو وجدت قاتل عمر في الحرم ما هيجته يعني ما أزعجته ولكن يمنع منه المنافع حتى يضجر فيخرج فيقتص منه ويقال * (آمنا) * لغير الممتحنين وهي الصيود إذا دخلت الحرم صارت أمنة ويقال آمنا من الجذام ثم قال تعالى * (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) * قرأ نافع وابن عامر * (واتخذوا) * بنصب الخاء على وجه الخبر معناه جعلناه مثابة فاتخذوه مصلى وقرأ الباقون بكسر الخاء على معنى الأمر حدثنا الخليل بن أحمد قال حدثنا الدبيلي قال حدثنا أبو عبد الله قال حدثنا سفيان عن زكريا بن أبي زائدة عمن حدثه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت يوم الفتح فلما فرغ من طوافه أتى المقام فقال هذا مقام أبينا إبراهيم الخليل فقال عمر أفلا تتخذه مصلى يا رسول الله فأنزل الله تعالى * (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) * ويقال المسجد الحرام كله مقام إبراهيم هكذا روي عن مجاهد وعطاء قوله تعالى * (وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل) * أي أمرنا إبراهيم وإسماعيل * (أن طهرا بيتي) * يعني مسجدي من الأوثان ويقال من جميع النجاسات ثم قال * (للطائفين) * أي
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»