تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ١٠٩
مجاهد أنه قال نثبت خطها ونبدل حكمها فهذا هو المعروف عند الناس والنسخ الثاني أن ترفع الآية المنسوخة بعد نزولها ولهذا دلائل جاءت فيه من ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى ذات يوم صلاة الغداة فترك آية فلما فرغ من صلاته قال هل فيكم أبي قالوا نعم قال هل تركت من آية قالوا نعم تركت آية كذا أنسخت أم نسيت قال لا ولكن نسيت وجاءت الآثار في نحو هذا أن الآية قد تنسخ بعد نزولها وترفع والنسخ الثالث تحويله من كتاب إلى كتاب وهو ما نسخ من أم الكتاب فأنزل على محمد صلى الله عليه وسلم " ننساها " أي نتركها في اللوح المحفوظ وقال بعضهم لا يجوز النسخ فيما يرفع كله بعد نزوله لأن الله تعالى قال * (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) * الحجر 9 وقال " إن علينا جمعه وقرءانه " القيامة 17 ولكن أكثر أهل العلم قالوا يجوز ذلك والنسخ يجوز في الأمر والنهي والوعد والوعيد ولا يجوز في القصص والأخبار لأنه لو جاز ذلك يكون كذبا والكذب في القرآن لا يجوز ثم قال تعالى " ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير " يعني من الناسخ والمنسوخ سورة البقرة آية 107 قوله تعالى * (ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض) * يحكم فيهما ما يشاء بالأمر ثم يأمر غيره قال الزجاج الملك في اللغة هو تمام القدرة وأصل هذا من قولهم ملكت العجين إذا بالغت في عجنه ومعنى الآية أن الله يملك السماوات والأرض وما فيهما فهو أعرف بما يصلحهم فيما يتعبدهم به من ناسخ ومنسوخ ومتروك وغير متروك وكان اليهود أعداء الله ينكرون النسخ وكانوا يقولون حين تحولت القبلة إلى الكعبة لو كنتم على الحق فلم رجعتم ولو كان هذا الثاني حقا فقد كنتم على الباطل وكانوا لا يرون النسخ في الشرائع لأن ذلك حال البداء ولا يجوز ذلك على الله ولكن الجواب أن يقال إن الله تعالى يدبر في أمره ما يشاء كما أنه يخلق الخلق ولم يكونوا ثم يميتهم بعد ذلك ثم يحييهم كذلك يجوز أن يأمر ثم بأمر بغير ذلك كما أن شريعة موسى لم تكن من قبل فأمره بذلك والمعنى في ذلك أنه حين أمرهم بالأمر الأول كان الصلاح في ذلك الأمر ثم إذا أمر بأمر آخر كان الصلاح في ذلك الوقت في الأمر الثاني وهذا هو معنى قوله * (ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض) * يعني هو أعلم بأمر الخلق وما يصلحهم في كل وقت ثم بين الوعيد لمن لم يؤمن بالناسخ والمنسوخ فقال * (وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير) * يعني عذاب الله من * (ولي) * أي من قريب ينفعكم * (ولا نصير) * أي مانع يمنعكم من عذاب الله تعالى
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»