تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ١٣١
سورة البقرة الآيات 153 - 154 ثم قال عز وجل * (يا أيها الذين آمنوا) * يعني صدقوا بتوحيد الله تعالى وهذا نداء المدح وقد ذكرنا قبل هذا أن النداء على ست مراتب وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال إذا سمعت الله يقول * (يا أيها الذين آمنوا) * فارع له سمعك فإنه أمر تؤمر به أو نهي تنهى عنه * (استعينوا بالصبر والصلاة) * يقول استعينوا بالصبر على أداء الفرائض وبالصلاة خاصة قال الزجاج استعينوا بالصبر على ما أنتم عليه وإن أصابكم مكروه وقال مجاهد * (استعينوا بالصبر) * أي بالصوم والصلاة وقال الضحاك * (استعينوا بالصبر) * على صوم شهر رمضان وعلى الصلوات الخمس ويقال الصبر هو الصبر بعينه ذكر في هذه الآية الطاعة الظاهرة والطاعة الباطنة فأمر بالصبر والصلاة لأنه ليس شيء من الطاعة الظاهرة أشد على البدن من الصلاة لأنه يجتمع فيها أنواع الطاعات الخضوع والإقبال والسكون والتسبيح والقراءة فإذا تيسر عليه الصلاة تيسر عليه ما سوى ذلك وليس بشيء من الطاعات الباطنة أشد على البدن من الصبر فأمر بالصبر والصلاة لأنه حسن ثم قال * (إن الله مع الصابرين) * فالله تعالى مع كل واحد ولكن خص الصابرين لكي يعلموا أن الله سبحانه وتعالى يفرج عنهم قوله تعالى * (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء) * قال الضحاك هم النفر الذين قتلوا عند بئر معونة وقال الكلبي هم الذين قتلوا ببدر قتل يومئذ من المسلمين أربعة عشر رجلا وكان الناس يقولون مات فلان ومات فلان فأنزل الله تعالى * (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء) * يعني هم في الحكم كالأحياء لأنه يجري ثوابهم إلى يوم القيامة ولأنهم يسرحون في الجنة حيث شاؤوا كما قال في آية أخرى * (عند ربهم يرزقون فرحين) * آل عمران 169 * (ولكن لا تشعرون) * البقرة 154 سورة البقرة الآيات 155 - 157 قوله تعالى * (ولنبلونكم) * يعني المؤمنين " بشيء من الخوف " يقول لنختبرنكم بخوف العدو وهو الخوف الذي أصابهم يوم الخندق حتى بلغت القلوب الحناجر * (والجوع) * وهو القحط الذي أصابهم فكان يمضي على أحدهم أيام لا يجد طعاما " ونقص من
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»