تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ١٢٣
سورة البقرة آية 135 قوله تعالى * (وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا) * وذلك أن يهود المدينة ونصارى أهل نجران اختصموا فقال كل فريق ديننا أصوب ونبينا أفضل فسألوا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أينا أفضل فقال لهم كلكم على الباطل فأعرضوا عنه فنزلت هذه الآية * (وقالوا كونوا هودا أو نصارى) * يعني اليهود قالوا كونوا على دين اليهودية والنصارى قالوا كونوا على دين النصرانية تهتدوا من الضلالة قال الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم * (قل بل ملة إبراهيم حنيفا) * وإنما نصب الملة على معنى بل نتبع ملة إبراهيم حنيفا ويقال معناه واتبعوا ملة إبراهيم وقال مقاتل بل الدين ملة إبراهيم حنيفا يعني مخلصا وقال القتتبي * (حنيفا) * يعني مستقيما ويقال للأعرج حنيف نظرا إلى السلامة كما يقال للديغ سليم وللجبانة مفازة وإن كانت مهلكة وقال الزجاج أصل الحنيف إذا كان أصابع الرجل مقبلا بعضها إلى بعض إقبالا لا تنصرف عن ذلك أبدا فكذلك كان إبراهيم عليه السلام مقبلا على دين الإسلام مائلا عن الأديان كلها * (وما كان من المشركين) * ولكنه كان على دين الإسلام فقال أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كيف نقول حتى لا نكذب أحدا من الأنبياء فعلمهم الله تعالى فقال عز وجل سورة البقرة الآيات 136 - 137 قال عز وجل * (قولوا آمنا بالله) * يعني صدقنا بالله بأنه واحد لا شريك له * (وما أنزل إلينا) * يعني صدقنا بما أنزل إلينا يعني بما أنزل على نبينا * (وما أنزل إلى إبراهيم) * يعني صدقنا بما أنزل على إبراهيم من الصحف " و " ما أنزل إلى * (إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط) * وهم ولد يعقوب كان له اثنا عشر ابنا فصار أولاد كل واحد منهم سبطا والسبط بلغتهم بمنزلة القبيلة للعرب وإنما أنزل على أنبيائهم وكانوا يعملون به فأضاف إليهم كما أنه أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم فأضاف إلى أمته فقال * (وما أنزل إلينا) * فكذلك الأسباط أنزل على أنبيائهم فأضاف إليهم لأنهم كانوا يعملون به ثم قال تعالى * (وما أوتي موسى وعيسى) * يعني التوراة والإنجيل * (وما أوتي النبيون من ربهم) * يعني وما أنزل على الأنبياء من الله تعالى وقد آمنا بجميع الأنبياء وبجميع الكتب
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»