تفسير السمرقندي - أبو الليث السمرقندي - ج ١ - الصفحة ١١٤
يطلب منهم النية الخالصة * (عليم) * بنياتكم وقال الزجاج معنى قوله * (فثم وجه الله) * يعني اقصدوا وجه الله بنيتكم القبلة كقوله * (وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره) * البقرة 144 و 150 سورة البقرة الآيات 116 - 117 قال عز وجل * (وقالوا اتخذ الله ولدا) * قرأ ابن عامر ومن تابعه من أهل الشام * (قالوا) * بغير واو وقرأ الباقون بالواو ومعناهما واحد لأن الواو للعطف وذلك أن اليهود قالوا عزيز ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله وقال بعض المشركين الملائكة بنات الله فالله * (سبحانه) * نزه نفسه عن الولد * (بل له ما في السماوات والأرض) * كلهم عبيده * (كل له قانتون) * يعني مطيعون ومقرون بالعبودية مجيبون للطاعة وقد قيل إن لفظ الآية عام والمراد به الخاص وقوله * (كل له قانتون) * يعني به المؤمنين خاصة ويقال معناه أثر صنعه وشواهد توحيده ودلائل ربوبيته في جميع ما في السماوات والأرض ويقال * (كل له قانتون) * يعني كل خلق لا يستطيع أن يغير نفسه عن خلقته فأخبر الله تعالى أن جميع ما في السماوات والأرض له خالق الأشياء والمستغني عن الولد سبحانه وتعالى ثم قال عز وجل * (بديع السماوات والأرض) * يعني خالقهما والإبداع في اللغة إنشاء شيء لم يسبق إليه على غير مثال ولا مشورة وإنما قيل لمن خالف السنة مبتدع لأنه أتى بشيء لم يسبقه إليه الصحابة ولا التابعون ومعناه هو خالق السماوات والأرض * (وإذا قضى أمرا) * يعني إذا أراد أن يخلق خلقا * (فإنما يقول له كن فيكون) * ويقال هذه الآية نزلت في شأن وفد نجران السيد والعاقب وغيرهما وكانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم هل رأيت خلقا من غير أب فنزلت هذه الآية * (وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) * كما كان عيسى بن مريم عليه السلام خلقه من غير أب فإن قيل قوله * (كن) * هذا خطاب للموجود أو للمعدوم فإن قال الخطاب للمعدوم قيل له كيف يصح الخطاب لشيء معدوم وكيف يصح الإشارة إليه بقوله * (كن) * فإن قال الخطاب للموجود قيل له كيف يأمر الشيء الكائن بالكون فالجواب عن هذا من وجهين أحدهما أن الأشياء كلها كانت موجودة في علم الله تعالى قبل كونها فكان الخطاب للموجود في علمه وجواب آخر أن معناه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون يعني إذا أراد أن يخلق خلقا يخلقه والقول فيه على وجه المجاز قرأ ابن عامر * (فيكون) * بالنصب لأن جواب الأمر بالفاء وقرأ الباقون بالرفع على معنى الاستئناف يعني فهو يكون
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»