وقال تعالى * (وما هم بضارين به من أحد) * من الناس * (إلا بإذن الله) * أي بإرادة الله تعالى ويقال بتخلية الله تعالى * (ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم) * يعني ما يضرهم في الدنيا ولا ينفعهم في الآخرة ويقال ما يضرهم بعلم الله في الآخرة ولا ينفعهم في الدنيا يعني السحر قوله تعالى * (ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق) * يعني اليهود علموا في التوراة أن من اختار السحر * (ما له في الآخرة من خلاق) * يعني نصيب والخلاق في اللغة هو النصيب الوافر وقوله تعالى * (ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون) * يقول لبئس ما باعوا به أنفسهم ويقال بئس ما اختاروا لأنفسهم السحر على كتاب الله تعالى وسنن أنبيائه لو كانوا يعلمون ولكنهم لا يعلمون فإن قيل ذكر في الآية الأولى * (ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق) * وفي هذه الآية يقول * (لو كانوا يعلمون) * فمرة يقول يعلمون ومرة يقول لا يعلمون فالجواب أن يقال إنهم يعلمون ولكن لا منفعة لهم من علمهم وكل عالم لا يعمل بعلمه فليس بعالم لأنه يتعلم العلم لكي ينتفع به فإذا لم ينتفع به فكأنه لم يعلم فكذلك ها هنا * (لو كانوا يعلمون) * لو كانوا يوفون للعلم حقه سورة البقرة الآيات 103 - 104 قال الله تعالى * (ولو أنهم آمنوا واتقوا) * يعني اليهود ولو صدقوا بثواب الله واتقوا السحر * (لمثوبة من عند الله خير) * يعني كان ثواب الله تعالى خيرا لهم من السحر والمثوبة والثواب بمعنى واحد وهو الجزاء على العمل وكذلك الأجر * (لو كانوا يعلمون) * قوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا) * فهذا نداء المدح يقول * (يا أيها الذين آمنوا) * صدقوا بتوحيد الله تعالى وبمحمد صلى الله عليه وسلم * (لا تقولوا راعنا) * وذلك أن المسلمين كانوا يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون له يا رسول الله * (راعنا) * وهو بلغة العرب أرعنا سمعك وأصله في اللغة من راعيت الرجل إذا تأملته وتعرفت أحواله وكان هذا اللفظ بلغة اليهود سبا بالرعونة فلما سمعت اليهود ذلك من المسلمين أعجبهم ذلك فقالوا فيما بينهم كنا نسب محمدا سرا فالآن نسبه علانية فكانوا يقولون حين يأتونه راعنا يا محمد ويريدون به السب وقال بعضهم كان في لغتهم معناه اسمع لا سمعت فنزلت هذه الآية * (يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا) * فنهى المسلمين أن لا يقولوا بهذا اللفظ وأمرهم أن يقولوا بلفظ أحسن منه وقال الله تعالى * (وقولوا انظرنا واسمعوا) * أي أطيعوا ما تؤمرون به ثم ذكر الوعيد
(١٠٧)