القاسم بن محمد عن ابن عباس: أن رجلا جاء وقال: وجدت مع امرأتي رجلا، ثم لاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وقال: " إن جاءت به كذا ". وحدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا ابن أبي عدي قال: أنبأنا هشام بن حسان قال: حدثني عكرمة عن ابن عباس أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " البينة أو حد في ظهرك! " وذكر الحديث إلى قوله: " أبصروها فإن جاءت به كذا فهو لشريك بن سحماء "، وكذلك رواه عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس. فذكر في هذه الأخبار أنه قذفها، وأبو حنيفة يوجب اللعان بالقذف وإن كانت حاملا، وإنما لا يوجبه إذا نفى الحمل من غير قذف.
فإن قيل: قال الله تعالى: (وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن) [الطلاق: 6]، وقد ترد الجارية بعيب الحمل إذا قال النساء هي حبلى، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في دية شبه العمد: " منها أربعون خلفة في بطونها أولادها ". قيل له: أما نفقة الحامل فلا تجب لأجل الحمل وإنما وجبت للعدة، فما لم تنقض عدتها فنفقتها واجبة، ألا ترى أن غير الحامل نفقتها واجبة؟ وإنما ذكر الحمل لأن وضعه تنقضي به العدة وتنقطع به النفقة، وأما الرد بالعيب فإنه جائز كونه مع الشبهة كسائر الحقوق التي لا تسقطها الشبهة والحد لا يجوز إثباته بالشبهة، فلذلك اختلفا. وكذلك من يوجب في الدية أربعين خلفة في بطونها أولادها فإنه يوجبها على غالب الظن، ومثله لا يجوز إيجاب الحد به، وهذا كما يحكم بظاهر وجود الدم أنه حيضة ولا يجوز القطع به حتى يتم ثلاثة أيام، وكذلك من كان ظاهر أمرها الحبل لا تكون رؤيتها الدم حيضا، فإن تبين بعد أنها لم تكن حاملا كان ذلك الدم حيضا، وقوله صلى الله عليه وسلم في قصة هلال بن أمية: " إن جاءت به على صفة كيت وكيت فهو لشريك بن سحماء " فإنه فيما أضافه إلى هلال محمول على حقيقة إثبات النسب منه، وهذا يدل على أنه لم ينف الولد منه بلعانه إياها في حال حملها، وقوله: " فهو لشريك بن سحماء " لا يجوز أن يكون مراده إلحاق النسب به وإنما أراد أنه من مائه في غالب الرأي، لأن الزاني لا يلحق به النسب لقوله صلى الله عليه وسلم:
" الولد للفراش وللعاهر الحجر ".
فإن قيل: في حديث عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في امرأة هلال بن أمية حين لاعن بينهما أن لا يدعي ولدها لأب. قيل له: هذا إنما ذكره عباد بن منصور عن عكرمة، وهو ضعيف واه لا يشك أهل العلم بالحديث أن في حديث عباد بن منصور هذا أشياء ليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم مدرجة فيه، ولم يذكر ذلك غير عباد بن منصور.
ويدل على أنه غير جائز نفي النسب ولا إثبات للقذف بالشبهة حديث أبي هريرة قال: إن