لاعن، ولو قذفها بالزنا بعد أن بانت منه وذكر أنه رأى عليها رجلا قبل فراقه إياها جلد الحد ولم يلاعن ". وقال ابن شبرمة: " إذا ادعت المرأة حملا في عدتها وأنكر الذي يعتد منه لاعنها، وإن كانت في غير عدة جلد وألحق به الولد ". وقال الشافعي: " وإن كانت امرأة مغلوبة على عقلها فنفى زوجها ولدها التعن ووقعت الفرقة وانتفى الولد، وإن ماتت المرأة قبل اللعان فطالب أبوها وأمها زوجها كان عليه أن يلتعن، وإن ماتت ثم قذفها حد ولا لعان إلا أن ينفي به ولدا أو حملا فيلتعن ". وروى قتادة عن جابر بن زيد عن ابن عباس في الرجل يطلق امرأته تطليقة أو تطليقتين ثم يقذفها قال: " يحد ". وقال ابن عمر:
" يلاعن ". وروى الشيباني عن الشعبي قال: " إن طلقها طلاقا بائنا فادعت حملا فانتفى منه يلاعنها، إنما فر من اللعان ". وروى أشعث عن الحسن مثله ولم يذكر الفرار، وإن لم تكن حاملا جلد. وقال إبراهيم النخعي وعطاء والزهري: " إذا قذفها بعدما بانت منه جلد الحد " قال عطاء: " والولد ولده ".
قال أبو بكر: قال الله تعالى: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة). وكان ذلك حكما عاما في قاذف الزوجات والأجنبيات على ما بينا فيما سلف، ثم نسخ منه قاذف الزوجات بقوله تعالى: (والذين يرمون أزواجهم)، والبائنة ليست بزوجة، فعلى الذي كان زوجها الحد إذا قذفها بظاهر قوله: (والذين يرمون المحصنات)، ومن أوجب اللعان بعد البينونة وارتفاع الزوجية فقد نسخ من هذه الآية ما لم يرد توقيف بنسخه، وغير جائز نسخ القرآن إلا بتوقيف يوجب العلم. ومن جهة أخرى أنه لا مدخل للقياس في إثبات اللعان، إذ كان اللعان حدا على ما روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا سبيل إلى إثبات الحدود من طريق المقاييس وإنما طريقها التوقيف أو الاتفاق. وأيضا لم يختلفوا أنه لو قذفها بغير ولد أن عليه الحد ولا لعان، فثبت أنه غير داخل في الآية ولا مراد، إذ ليس في الآية نفي الولد وإنما فيها ذكر القذف، ونفي الولد مأخوذ من السنة ولم ترد السنة بإيجاب اللعان لنفي الولد بعد البينونة.
فإن قيل: إنما يلاعن بينهما لنفي الولد لأن ذلك حق للزوج ولا ينتفي منه إلا باللعان قياسا على حال بقاء الزوجية. قيل له: هذا استعمال القياس في نسخ حكم الآية، وهو قوله: (والذين يرمون المحصنات)، فلا يجوز نسخ الآية بالقياس، وأيضا لو جاز إيجاب اللعان لنفي الولد مع ارتفاع الزوجية لجاز إيجابه لزوال الحد عن الزوج بعد ارتفاع الزوجية، فلما كان لو قذفها بغير ولد حد ولم يجب اللعان ليزول الحد لعدم الزوجية كذلك لا يجب اللعان لنفي الولد مع ارتفاع الزوجية.
فإن قيل: قال الله تعالى: (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء) [البقرة: 231]، وقال: