هذه الروايات تبين موقف الإمام عبد الرزاق من الصحابة رضوان الله عليهم، و الرواية الأخيرة تدل على أنه كان يتوقف حتى في الحكم على ما جرى بين علي و خصومه، و ما دام أن عليا كان يعتبرها فتنة فلا يمكن أن يقال: إن الصواب في جانب و إن الجانب الآخر على الباطل. و إنما توقف عبد الرزاق - و كما هو قول جماهير أهل السنة و الجماعة -، لأن كلا منهم مجتهد يبتغي الحق. و هذه الروايات إن ثبتت فتبين مدى إنصاف الرجل، حيث لم يدفعه تشيعه لآل البيت أن يغالي فيهم أو ينتقص من موقف خصومهم.
أما الجانب الثاني:
و هو ما يتعلق بروايته أحاديث في فضائل آل البيت و أحاديث ذكرها في مثالب غيرهم.
فقد ذكر بعض الرواة أحاديث عن الإمام عبد الرزاق قالوا: إنه انفرد بها و لم يتابع، من ذلك:
- و قال الذهبي في ميزان الاعتدال: أوهى ما أتى به حديث أحمد بن الأزهر - و هو ثقة - أن عبد الرزاق حدثه خلوة من حفظه، أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نظر إلى علي فقال:
أنت سيد في الدنيا سيد في الآخرة، من أحبك فقد أحبني و من أبغضك فقد أبغضني قلت - أي: الذهبي -: مع كونه ليس بصحيح فمعناه صحيح سوى آخره، ففي النفس منها شيء. و ما اكتفى بها حتى زاد: و حبيبك حبيب الله، و بغيضك بغيض الله، و الويل لمن أبغضك. فالويل لمن أبغضه هذا لا ريب فيه. بل الويل لمن يغض منه أو غض من رتبته، و لم يحبه كحب نظائره أهل الشورى رضي الله عنهم أجمعين (1).