تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ٣٦٤
مسكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون * (18) * فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت على وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين * (19) * وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين * (20) * لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين * (21) * فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ) * بنبأ يقين * (22) * إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شئ ولها عرش عظيم * (23) * وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون * (24) * ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخب ء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون * (25) * الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم * (26) * قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين * (27) * اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون * (28) * قالت يا أيها الملأ إني ألقى إلى كتب كريم * (29) * إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم * (30) * ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين * (31) *
____________________
مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون) يحطمكم كأنها عرفت عصمته عن الظلم (فتبسم ضاحكا من قولها) تعجبا من حذرها أو تحذيرها (وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي) أدرج ذكرهما لأن النعمة عليهما وبالعكس (وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين) في جملتهم الجنة (وتفقد الطير) وكانت تظله عن الشمس فوقعت نفحة منها على رأسه فنظر فإذا موضع الهدهد خال أو احتاج إليه لأنه يرود له الماء لأنه يراه من بطن الأرض (فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين) فلم أره لغيبة (لأعذبنه عذابا شديدا) بنتف ريشه وتشميسه أو حبسه مع ضده في قفص (أو لأذبحنه أو ليأتيني (1) بسلطان مبين) لعذره (فمكث) بالضم أو الفتح (غير بعيد) زمانا يسيرا (فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ) منونا اسم للحي أو أبيهم سبأ بن يشحب بن يعرب (بنبأ يقين) بخبر متيقن (إني وجدت امرأة تملكهم) أي ملكة لسبأ أو أهلها وهي بلقيس (وأوتيت من كل شئ) يحتاج إليه الملوك (ولها عرش) سرير (عظيم) بالنسبة إليها أو لأنه لم يكن لسليمان مثله وإن عظم ملكه وكان ثلاثين أو ثمانين ذراعا في مثلها عرضا وسمكا من ذهب وفضة مكللا بالجوهر (وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله) كانوا مجوسا يعبدونها (وزين لهم الشيطان أعمالهم) القبيحة (فصدهم عن السبيل) سبيل الحق (فهم لا يهتدون) إليه (ألا يسجدوا (2)) فصدهم أن لا يسجدوا أو زين لهم أن لا يسجدوا بإبداله من (أعمالهم) أو لا يهتدون لأن يسجدوا (لله الذي يخرج الخب ء) مصدر بمعنى المخبوء وهو ما خفي (في السماوات والأرض) كالنبات والمطر بل كلما يخرجه من العدم إلى الوجود (ويعلم ما تخفون وما تعلنون) ما يسرونه وما يظهرونه (الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم) لإحاطته بالعلم (قال سننظر) سنتأمل في أمرك (أصدقت أم كنت من الكاذبين) عدل عن أم كذبت مبالغة وللفاصلة ثم كتب كتابا وقال له (اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم) إلى الذين دينهم ما ذكرت واهتم بأمر الدين فلم يقل إليها (ثم تول) تنح (عنهم) متواريا قريبا منهم (فانظر ماذا يرجعون) أي بعضهم إلى بعض من القول فألقاه في حجرها فلما قرأته (قالت) لأشراف قومها (يا أيها الملأ إني ألقي إلى كتاب كريم) لكرم مرسله أو مضمونه أو لأنه كان مختوما (إنه) أي الكتاب أو عنوانه (من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين) منقادين أو مؤمنين وقد اشتمل مع إيجازه على تمام المقصود من إثبات الصانع وصفاته بالبسملة والنهي عن التكبر والأمر بالانقياد كل ذلك مع إظهار المعجز برسالة هدهد...

(1) ليأتينني بنونين: الأولى مشددة بالفتح والثانية مخففة مكسورة في مصحف مكة، وفي سائر المصاحف بنون واحدة.
(2) ألا يا اسجدوا - ألا يا اسجدوا - قف: بضم أول " اسجدوا ".
(٣٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 ... » »»