تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ٣٦٩
أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون * (82) * ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون * (83) * حتى إذا جاؤوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أما ذا كنتم تعملون * (84) * ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون * (85) * ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون * (86) * ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين * (87) * وترى الجبال تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شئ إنه خبير) * بما تفعلون * (88) * من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون * (89) * ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون * (90) * إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شئ وأمرت أن أكون من المسلمين * (91) * وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين * (92) * وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون * (93) *
____________________
(أخرجنا لهم دابة من الأرض) تضافرت الأخبار أن الدابة أمير المؤمنين ومعه عصا موسى وخاتم سليمان يسم المؤمن والكافر (تكلمهم) فيقول حاكية لقول الله (أن (1) الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون) أي بالقرآن أو بخروجها (ويوم نحشر من كل أمة) من للتبعيض (فوجا) جماعة (ممن يكذب بآياتنا) بيان للفوج وهم رؤساؤهم وقادتهم (فهم يوزعون) يحبس أولهم على آخرهم ليجتمعوا وفسرت في الأخبار بالرجعة وأما الحشر الأكبر فقوله وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا 47: 18 (حتى إذا جاؤوا) الموقف (قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما) أي كذبتم بها بادئ الرأي غير متأمليها (أما ذا) أم أي شئ (كنتم تعملون) به وهو تبكيت إذ لم تعملوا سوى التكذيب (ووقع القول عليهم) غشيهم العذاب الموعود وهو النار بعد ذلك (بما ظلموا) بظلمهم بالتكذيب (فهم لا ينطقون) بعذر لعدمه وشغلهم بالنار (ألم يروا أنا جعلنا الليل) خلقناه (ليسكنوا فيه) بالنوم والدعة (والنهار مبصرا) أي ليتبصروا فيه (إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون) دلالات لهم على التوحيد والبعث والنبوة إذ تعاقب النور والظلمة إنما يتم بقدرة قاهر ويشبه النوم بالموت والانتباه بالبعث ولأن من جعل ذلك لبعض مصالحهم كيف يهمل ما هو مناط جميعها من بعث رسول إليهم (ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض) عند النفخة الأولى وعبر بالماضي لتحقق وقوعه (إلا من شاء الله) ممن ثبت قلبه وهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل وقيل الشهداء (وكل أتوه (2) داخرين) صاغرين (وترى الجبال تحسبها (3) جامدة) واقعة مكانها (وهي تمر مر السحاب) في السرعة وكذا الأجرام العظام إذا تحركت لا تكاد تظهر حركتها (صنع الله) أي صنع الله ذلك صنعا (الذي أتقن) أحكم (كل شئ) صنعه (إنه خبير بما تفعلون (4)) فيجازيكم (من جاء بالحسنة فله خير منها) بالأضعاف وبأن العمل منقض والثواب دائم وخير منها الجنة (وهم من فزع يومئذ (5) آمنون ومن جاء بالسيئة) قيل بالشرك (فكبت وجوههم في النار) ألقوا فيها منكوسين وعبر بالوجوه عن ذواتهم ويقال لهم (هل تجزون إلا ما كنتم تعملون) وعن علي (عليه السلام) في الآية الحسنة حبنا أهل البيت والسيئة بغضنا قل لهم (إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة) أي مكة (الذي حرمها) أي جعلها حرما آمنا (وله كل شئ وأمرت أن أكون من المسلمين) المخلصين بالتوحيد (وأن أتلو القرآن) عليكم أدعوكم إلى ما فيه أو أتبعه (فمن اهتدى) بإجابته لي في ذلك (فإنما يهتدي لنفسه) لعود نفعه إليه (ومن ضل) بترك الإجابة (فقل إنما أنا من المنذرين) فما علي إلا الإنذار (وقل الحمد لله) على نعمة الرسالة وغيرها (سيريكم آياته) في الآخرة (فتعرفونها) يقينا أنها آية (وما ربك بغافل عما تعملون) بالياء والتاء وإنما يمهلهم لوقتهم.

(1) إن.
(2) اتوه.
(3) تحسبها: بكسر السين.
(4) يفعلون.
(5) فزع: بدون تنوين. يومئذ: بضم الميم وكسرها.
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»