تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ٣٥٠
وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا * (32) * ولا يأتونك بمثل إلا جئنك بالحق وأحسن تفسيرا * (33) * الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا * (34) * ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا * (35) * فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا فدمرناهم تدميرا * (36) * وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس آية وأعتدنا للظالمين عذابا أليما * (37) * وعادا وثمودا وأصحاب الرس وقرونا) * بين ذلك كثيرا * (38) * وكلا ضربنا له الأمثل وكلا تبرنا تتبيرا * (39) * ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورا * (40) * وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا * (41) * إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا * (42) * أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا * (43) * أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا * (44) * ألم تر إلى ربك كيف
____________________
العداوة لهم فاصبر كما صبروا (وكفى بربك هاديا) إلى الاعتصام منهم (ونصيرا) لك عليهم (وقال الذين كفروا لولا) هلا (نزل عليه القرآن) أنزله (جملة واحدة) مجتمعا كالكتب الثلاثة (كذلك) نزل مفرقا (لنثبت به) لنقوي بتفريقه (فؤادك) على حفظه إذ كان أميا بخلاف الأنبياء الثلاثة (ورتلناه ترتيلا) نزلناه شيئا بعد شئ في نحو عشرين سنة أو أمرنا بترتيله أي تبيينه والتأني في قراءته (ولا يأتونك بمثل) بسؤال عجيب كالمثل في البطلان للقدح فيك (إلا جئناك بالحق) الراد له في جوابه (وأحسن تفسيرا) وبما هو أحسن بيانا أو معنى من سؤالهم (الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم) يسحبون إليها (أولئك شر مكانا وأضل سبيلا) ممن حقروا مكانه وضللوا سبيله (ولقد آتينا موسى الكتاب) التوراة (وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا) معينا في الدعوة (فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا) أي فرعون وقومه (فدمرناهم تدميرا) أهلكناهم إهلاكا (وقوم نوح لما كذبوا الرسل) نوحا ومن قبله (أغرقناهم) بالطوفان (وجعلناهم للناس آية) عبرة (وأعتدنا) هيأنا (للظالمين عذابا أليما) عام أو خاص في موضع الضمير تظليما له (وعادا) عطف على هم في وجعلناهم أو الظالمين إذ المعنى وعدناهم (وثمود) بالتنوين وعدمه (وأصحاب الرس) هو البئر الغير المطوية وكانت لعبدة أصنام فبعث إليهم شعيب فكذبوه فانهارت بهم وبدارهم أو قرية بفلج اليمامة وكان فيها بقية ثمود فقتلوا نبيهم فأهلكوا أو بئر بأنطاكية قتلوا فيها حبيبا النجار أو هم قوم رسوا نبيهم أو دفنوه في بئر أو أصحاب الأخدود أو أصحاب النبي حنظلة بن صفوان قتلوه فأهلكوا (وقرونا) أهل أعصار (بين ذلك) المذكور (كثيرا وكلا ضربنا له الأمثال) بينا له القصص العجيبة فلم يعتبروا (وكلا تبرنا تتبيرا) كسرنا تكسيرا أي أهلكناهم (ولقد أتوا) أو مر قريش (على القرية التي أمطرت مطر للسوء) الحجارة وهي سدوم من قرى قوم لوط (أفلم يكونوا يرونها) في مرورهم فيعتبرون (بل كانوا لا يرجون نشورا) لا يتوقعون بعثا لكفرهم ولذا لم يعتبروا أو لا يأملونه كما يأمله المؤمنون للثواب أو لا يخافونه (وإذا رأوك إن) ما (يتخذونك إلا هزوا) محل هزؤ أو مهزوء به يقولون (أهذا) استحقارا (الذي بعث الله رسولا) لم يقيدوه بزعمه بل أخرجوه في موضع الإقرار مع فرط إنكارهم استهزاء (إن) المخففة أي أنه (كاد ليضلنا) يصرفنا واللام فارقة (عن آلهتنا) عن عبادتها ببذل جهده في دعائنا (لولا أن صبرنا عليها) ثبتنا على عبادتها لصرفنا عنها (وسوف يعلمون حين يرون العذاب) عيانا في الآخرة وعيد يفيد أنه يلحقهم لا محالة وإن أخر (من أضل سبيلا) أخطأ طريقا أهم أم أنت (أرأيت) أخبرني (من اتخذ إلهه هواه) لطاعته له في دينه وقدم المفعول الثاني عناية به (أفأنت تكون عليه وكيلا) حافظا تجبره على الإسلام (أم تحسب (1) أن أكثرهم يسمعون) سماع تفهم (أو يعقلون) يتدبرون ما نأتي به من الحجج وخص الأكثر إذ فيهم من يعقل (إن) ما (هم إلا كالأنعام) في عدم تفهم قولك وتدبر حججك (بل هم أضل سبيلا) منها لأنها تعرف المحسن

(1) تحسب: بكسر السين.
(٣٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 ... » »»