تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ٢٩٨
وأما من آمن وعمل صلحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا * (88) * ثم أتبع سببا * (89) * حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا * (90) * كذلك وقد أحطنا بما لديه خبرا * (91) * ثم أتبع سببا * (92) * حتى إذا بلغ بين السدين وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا * (93) * قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا * (94) * قال ما مكنى فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما * (95) * آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا * (96) * فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا * (97) * قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا * (98) * وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا * (99) * وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا * (100) * الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكرى وكانوا لا يستطيعون سمعا * (101) * أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء
____________________
(وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى (1)) فعلته الحسنى أو الإضافة بيانية وقرئ بالتنوين منصوبا حالا (وسنقول له من أمرنا) بما تأمرنا به (يسرا) ذا يسر أي تأمره بما يسهل عليه (ثم اتبع (2) سببا) أخذ طريقا نحو المشرق (حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا) من لباس ولا بناء لأنهم لم يعلموا صنعة البيوت أو لأن أرضهم لا تحمل بناء ولهم أسراب يغيبون فيها عند طلوع الشمس ويظهرون عند غروبها (كذلك) أي أمر ذي القرنين كما حكينا (وقد أحطنا بما لديه) من الجند والعدة والأسباب (خبرا) علما (ثم اتبع (2) سببا) طريقا ثالثا آخذا من الجنوب إلى الشمال (حتى إذا بلغ بين السدين (3)) وهما جبلان بمنقطع أرض الترك سد الإسكندر ما بينهما (وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون (4) قولا) لغرابة لغتهم (قالوا) بترجمان (يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج) قبيلتان من ولد يافث بن نوح (مفسدون في الأرض) بالقتل والنهب والإتلاف قيل يأكلون الناس وما دب (فهل نجعل لك خرجا) شيئا نخرجه من مالنا وقرئ خراجا (على أن تجعل بيننا وبينهم سدا (6)) حاجزا فلا يخرجون علينا (قال ما مكني (7)) بنونين بلا إدغام أو به (فيه ربي) من المال والملك (خير) مما تجعلونه لي من الخرج (فأعينوني بقوة) بما أتقوى به من عمل أو آلة (أجعل بينكم وبينهم ردما) حاجزا حصينا متراكبا بعضه على بعض (آتوني (8) زبر الحديد) قطعة على قدر الحجارة التي يبنى بها (حتى إذا ساوى بين الصدفين (9)) بين جانبي الجبلين بنضد الزبر جعل الفحم بينها (قال انفخوا) بالمنافخ في النار في الحديد فنفخوا (حتى إذا جعله) الحديد (نارا) كالنار (قال آتوني (8) أفرغ عليه قطرا) نحاسا مذابا (فما اسطاعوا) بحذف التاء استثقالا (أن يظهروه) يعلوه لارتفاعه وملاسته (وما استطاعوا له نقبا) خرقا لصلابته وثخنه قيل كان ارتفاعه مائتي ذراع وثخنه خمسين (قال) ذو القرنين (هذا) أي السد أو الإقدار عليه (رحمة) نعمة (من ربي) على عباده (فإذا جاء وعد ربي) بخروج يأجوج ومأجوج (جعله دكاء (10)) مدكوكا مسوى بالأرض (وكان وعد ربي حقا) كائنا البتة (وتركنا بعضهم يومئذ) جعلنا بعض يأجوج ومأجوج يوم خروجهم (يموج) يختلط (في بعض) كموج البحر لكثرتهم أو بعض الخلق الجن والإنس يختلط ببعض (ونفخ في الصور فجمعناهم) أي الخلائق للجزاء (جمعا وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا) أبرزناها لهم (الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري) عن آياتي التي يعتبر بها (وكانوا لا يستطيعون سمعا) أي يعرضون عن استماع ذكري والقرآن ذكر له فكأنهم صم عنه (أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي) الملائكة وعيسى وعزير (من دوني أولياء) آلهة...

(1) جزاء: بضم الهمزة - الحسنى: بكسر النون.
(2) ثم اتبع: بتشديد التاء.
(3) السدين: بتشديد السين بالضم.
(4) يفقهون: بضم الياء وسكون الفاء وكسر القاف.
(5) خراجا.
(6) سدا: بضم أوله.
(7) مكننى: بفتح النون الأولى وكسر الثانية (8) إيتونى - ائتوني: بضم أوله.
(9) الصدفين: بضم الصاد المشددة وضم الدال.
(10) دكا.
(٢٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 ... » »»