تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ٣٠٩
مثله فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى * (58) * قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى * (59) * فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى * (60) * قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى * (61) * فتنزعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى * (62) * قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى * (63) * فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى * (64) * قالوا يا موسى إما أن تلقى وإما أن نكون أول من ألقى * (65) * قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى * (66) * فأوجس في نفسه خيفة موسى * (67) * قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى * (68) * وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد سحر ولا يفلح الساحر حيث أتى * (69) * فألقى السحرة سجدا قالوا آمنا برب هارون وموسى * (70) * قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلف ولأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى * (71) * قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا
____________________
مثله) يقابله (فاجعل بيننا وبينك موعدا) وعدا (لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى (1)) وسطا تستوي مسافته إلينا وإليك (قال موعدكم يوم الزينة) وكان يوم عيد يتزينون فيه ويجتمعون وإنما عينه ليعلم الحق من الباطل على رؤس الأشهاد (وأن يحشر الناس) أي يجتمع أهل مصر (ضحى) فينظرون في أمرنا (فتولي فرعون) انصرف (فجمع كيده) أي أسباب كيده من السحرة وآلاتهم (ثم أتى) الموعد (قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا) بإشراك أحد معه (فيسحتكم (2) بعذاب) فيستأصلكم به (وقد خاب) خسر (من افترى) على الله كذبا كفرعون (فتنازعوا أمرهم بينهم) أي السحرة في أمر موسى حين قال ويلكم الآية فقالوا ما هذا بقول ساحر (وأسروا النجوى) الكلام بينهم بأن موسى إن غلبنا اتبعناه والضمير لفرعون وقومه ويفسر النجوى (قالوا إن هذان (3) لساحران) على لغة جعل المثنى كالمقصور أو الاسم ضمير الشأن محذوف أو إن بمعنى نعم أو إن مخففة واللام بمعنى إلا (يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى) بدينكم الأفضل كإظهارهما دينهما وقيل الطريقة أشراف القوم أي بإشرافكم بصرف وجوههم إليهما (فاجمعوا (4) كيدكم) أحكموه واجعلوه مجمعا عليه (ثم ائتوا (5) صفا) مصطفين (وقد أفلح اليوم من استعلى) فاز من غلب (قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى) راعوا الأدب في التخيير (قال بل ألقوا) مقابلة لأدبهم وعدم احتفال بكيدهم وجودا بما مالوا إليه من البدء (فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى) قيل لطخوها بالزئبق فلما حميت الشمس تحرك بحرها فخيل إليه أنها تسعى (فأوجس) فأضمر (في نفسه خيفة موسى) من أن يشك الناس فلا يتبعوه أو للطبع البشري (قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى) الغالب (وألق ما في يمينك) أبهم تصغيرا للعصا وتهوينا لأمر السحرة أي ألق العويد الذي معك أو تعظيما لها (تلقف (6)) تتلقف (ما صنعوا إنما صنعوا) إن الذي افتعلوه (كيد ساحر (7)) أفرد لقصد الجنس ونكر لتنكير الكيد (ولا يفلح الساحر) أي جنسه (حيث أتى) أين كان فألقاها فتلقفت فحققوا أنه ليس سحرا. (فألقي السحرة سجدا) لله تعالى، ألقاهم تحقق الحق لهم (قالوا آمنا برب هارون وموسى) أخر للفاصلة قيل رأوا في سجودهم منازلهم في الجنة (قال) فرعون (آمنتم (8) له) أي لموسى (قبل أن آذن لكم) في ذلك (إنه لكبيركم) رئيسكم أو أستاذكم (الذي علمكم السحر) وتواطأتم على ما فعلتم (فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف) حال أي مختلفات الأيدي اليمني والأرجل اليسرى (ولأصلبنكم في جذوع النخل) شبه تمكن المصلوب بالجذع بتمكن المظروف بالظرف (ولتعلمن أينا) يعني نفسه وموسى أو رب موسى (أشد عذابا وأبقى) وأدوم (قالوا لن نؤثرك (9) تختارك (على ما جاءنا...

(1) سوى. سوى: بالتنوين وغيره بكسر السين فيهما. سوى سوى: بالتنوين وغيره وبضم السين فيهما.
(2) فيسحتكم بفتح الحاء (3) ان هذين - إن هذان.
(4) فاجمعوا: بفتح الميم.
(5) آتوا.
(6) تلقف: بفتح اللام وتشديد القاف بالفتح.
(7) سحر.
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»