تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ٢٩٥
ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا * (53) * ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الانسان أكثر شئ جدلا * (54) * وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا * (55) * وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ويجدل الذين كفروا بالبطل ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتي وما أنذروا هزوا * (56) * ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها ونسي ما قدمت يداه إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا * (57) * وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا * (58) * وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا * (59) * وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضى حقبا * (60) * فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا * (61) * فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا
____________________
(ورأى (1) المجرمون النار فظنوا) أيقنوا (أنهم مواقعوها) واقعون فيها (ولم تجدوا عنها مصرفا) معدلا (ولقد صرفنا) بينا (في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان) الكافر (أكثر شئ جدلا) خصومة بالباطل وهو تمييز (وما منع الناس أن يؤمنوا) من الإيمان (إذ جاءهم الهدى) الدلالة البينة (ويستغفروا ربهم إلا) طلب (أن تأتيهم سنة الأولين) من الإهلاك (أو يأتيهم العذاب) بالسيف أو في الآخرة (قبلا) عيانا أو بضمتين جمع قبيل أي أنواعا (وما نرسل المرسلين إلا مبشرين) للمطيعين (ومنذرين) للعاصين (ويجادل الذين كفروا بالباطل) من إنكار إرسال البشر ونحوه (ليدحضوا به الحق) ليبطلوا أو يزيلوا بجدالهم الحق (واتخذوا آياتي) أي القرآن (وما أنذروا) من النار (هزوا (1)) استهزاء. (ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه) بالقرآن (فأعرض عنها) ولم يتعظ بها (ونسي ما قدمت يداه) ما عمل من الكفر والمعاصي (إنا جعلنا على قلوبهم أكنة) أغطية (أن يفقهوه) كراهة أن يفهموا القرآن (وفي آذانهم وقرا) صمما فلا يسمعونه مثل لنبو قلوبهم ومسامعهم عن قبوله وأسند إليه تعالى إيذانا بتمكنه منهم كالجبلة (وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا) وقد وقع ما أخبر به فماتوا كفارا (وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب) في الدنيا (بل لهم موعد) وهو يوم القيامة (لن يجدوا من دونه موئلا) منجى وملجأ (وتلك القرى) أي أهلها كعاد وثمود وغيرهم (أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا) وقتا معلوما (وإذ) أذكر إذ (قال موسى لفتاه) يوشع بن نون سمي فتاه لأنه كان يتبعه ويخدمه (لا أبرح) لا أزال أسير حذف الخبر لدلالة حال السفر عليه أو لا أزول عما أنا عليه من السير (حتى أبلغ مجمع البحرين) ملتقى بحري فارس والروم (أو أمضي حقبا) أسير دهرا طويلا (فلما بلغ مجمع بينهما) موضع اجتماع البحرين (نسيا حوتهما) تركاه أو ضل عنهما أو نسي موسى تعرف حاله ويوشع أن يحمله (فاتخذ) الحوت (سبيله في البحر سربا) مسلكا قيل أمسك الله جري الماء من الحوت فصار كالكوة لا يلتئم (فلما جاوزا) ذلك المكان بالسير إلى وقت الغداء من ثاني يوم (قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا...

(1) رئى: بكسر الهمزة - رئى: بكسر الراء والهمزة.
(2) هزءا: بسكون الزاي فيهما - هزا.
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»