تفسير شبر - السيد عبد الله شبر - الصفحة ١١٦

____________________
(وكفى (1) بالله نصيرا) يعينكم (من الذين هادوا) بيان للذين أوتوا وما بينهما اعتراض أو لأعدائكم أو صلة لنصيرا أو خبر محذوف أي منهم قوم (يحرفون الكلم) يميلونه (عن مواضعه) التي وضعه الله فيها بتبديله بغيره أو بتأويله على ما يشتهون (ويقولون سمعنا) قولك (وعصينا) أمرك (واسمع غير مسمع) حال تضمن الدعاء أي اسمع لا سمعت أو غير مجاب لك (وراعنا) يريدون به السب والسخرية كما مر في البقرة (ليا بألسنتهم) فتلا بها وتحريفا للحق إلى الباطل بوضعهم راعنا مكان انظرنا و (غير مسمع) مكان لا سمعت مكروها (وطعنا) عيبا (في الدين) الإسلام (ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا) بدل وعصينا (واسمع) فقط (وانظرنا) راقبنا أو انظر إلينا بدل راعنا (لكان خيرا لهم وأقوم) أعدل (ولكن لعنهم الله) أبعدهم عن رحمته (بكفرهم فلا يؤمنون (2) إلا قليلا) منهم كابن سلام وأصحابه أو إلا إيمانا قليلا ببعض ما أنزل الله أو ضعيفا لا إخلاص فيه (يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا) من القرآن (مصدقا لما معكم) من التوراة (من قبل أن نطمس وجوها) نطمسها عن الهدى بأن نمحو تخطيط صورها أو نمحو ما فيها من العين والأنف والحاجب (فنردها على أدبارها) في ضلالتها فلا يفلح أبدا أو على هيئة أدبارها وهي الأقفية أو ننكسها إلى خلف (أو نلعنهم) نخزيهم بالمسخ (كما لعنا أصحاب السبت) وهو وعيد مشروط بعدم إيمانهم أجمع فلما آمن بعضهم رفع أو يقع في الآخرة أو منتظر يقع قبل القيامة أو أريد باللعن متعارفة، وقد لعنوا بكل لسان (وكان أمر الله) بكون شئ أو وعيده أو قضاؤه (مفعولا) كائنا لا بد أن يقع (إن الله لا يغفر أن يشرك) أي الشرك (به) بدون توبة للإجماع على غفرانه بها (ويغفر ما دون ذلك) ما سواه من الذنوب بدون توبة (لمن يشاء) تفضلا ومقتضاه الوقوف بين الخوف والرجاء (ومن يشرك بالله فقد افترى (3) إثما عظيما) ارتكبه، والافتراء يقال للقول أو الفعل كالاختلاف (ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم) نزلت في أهل الكتاب حيث قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه ويعم الحكم غيرهم (بل الله يزكي من يشاء) فتزكيته هي المعتد بها لعلمه بالسرائر والعواقب (ولا يظلمون) بعقابهم على تزكيتهم أنفسهم (فتيلا (4)) مقدار فتيلة وهو الخيط في شق النواة (أنظر كيف يفترون على الله الكذب) في زعمهم أنهم أزكياء عنده (وكفى (1) به) بزعمهم هذا (إثما مبينا) بينا (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت) صنمان لقريش، أو كلما عبد من دون الله، نزلت في اليهود حين سألهم مشركو العرب:
أديننا أفضل أم دين محمد؟ قالوا: بل دينكم، أو في حي وكعب خرجا في جمع من اليهود يحالفون قريشا إلى محاربة النبي فقالوا: أنتم أقرب إلى محمد منكم إلينا فلا نأمن مكركم فاسجدوا لآلهتنا حتى نطمئن إليكم ففعلوا (ويقولون للذين كفروا) أي فيهم (هؤلاء) إشارة إليهم (أهدى (5) من الذين.

(1) كفى: بكسر الفاء بعدها ياء.
(2) يؤمنون.
(3) انترى: بكسر الراء بعدها ياء.
(4) فتيل: بضمتين فوق اللام منونة انظر.
(5) أهدى: بكسر الدال بعدها ياء.
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»