للقرآن، وفي الآية نفي أن يكون لهم حجة من طريق النقل كما أن في الآية السابقة نفي حجتهم من طريق العقل، ومحصل الآيتين أن لا حجة لهم على عبادة الملائكة لا من طريق العقل ولا من طريق النقل فلم يأذن الله فيها.
قوله تعالى: (بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون) الأمة الطريقة التي تؤم وتقصد، والمراد بها الدين، والاضراب عما تحصل من الآيتين، والمعني لا دليل لهم على حقية عبادتهم بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على دين وإنا على آثارهم مهتدون أي إنهم متشبثون بتقليد آبائهم فحسب.
قوله تعالى: (وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا) الخ، أي إن التشبث بذيل التقليد ليس مما يختص بهؤلاء فقد كان ذلك دأب أسلافهم من الأمم المشركين وما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير وهو النبي إلا تشبث متنعموها بذيل التقليد وقالوا: إنا وجدنا أسلافنا على دين وإنا على آثارهم مقتدون لن نتركها ولن نخالفهم.
ونسبة القول إلى مترفيهم للإشارة إلى أن الاتراف والتنعم هو الذي يدعوهم إلى التقليد ويصرفهم عن النظر في الحق.
قوله تعالى: (قال أو لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم) الخ، القائل هو النذير، والخطاب للمترفين ويشمل غيرهم بالتبعية، والعطف في (أو لو جئتكم) على محذوف يدل عليه كلامهم، والتقدير إنكم على آثارهم مقتدون ولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم؟ والمحصل: هل أنتم لازمون لدينهم حتى لو كان ما جئتكم به من الدين أهدى منه؟ وعد النذير ما جاءهم به أهدى من دينهم مع كون دينهم باطلا لا هدى فيه من باب مجاراة الخصم.
وقوله: (قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون) جواب منهم لقول النذير: (أو لو جئتكم) الخ وهو تحكم من غير دليل.
قوله تعالى: (فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين) أي تفرع على ذلك الارسال والرد بالتقليد والتحكم أنا أهلكناهم بتكذيبهم فانظر كيف كان عاقبة أولئك السابقين من أهل القرى، وفيه تهديد لقوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم.