تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٩١
الحيوان فإن الذكورة والأنوثة اللتين في الحيوان من لوازم وجوده المادي المجهز للتناسل وتوليد المثل، و الملائكة في معزل من ذلك.
وقوله: (أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون) رد لدعواهم الأنوثة في الملائكة بأن الطريق إلى العلم بذلك الحس وهم لم يروهم حتى يعلموا بها فلم يكونوا حاضرين عند خلقهم حتى يشاهدوا منهم ذلك.
فقوله: (أشهدوا خلقهم الخ) استفهام إنكاري ووعيد على قولهم بغير علم أي لم يشهدوا خلقهم وستكتب في صحائف أعمالهم هذه الشهادة عليهم ويسألون عنه يوم القيامة.
قوله تعالى: (وقالوا لو شاء الرحمان ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون) حجة عقلية داحضة محكية عنهم يمكن أن تقرر تارة لاثبات صحة عبادة الشركاء بأن يقال: لو شاء الله أن لا نعبد الشركاء ما عبدناهم ضرورة لاستحالة تخلف مراده تعالى عن إرادته لكنا نعبدهم فهو لم يشأ ذلك وعدم مشيته عدم عبادتهم إذن في عبادتهم فلا منع من قبله تعالى عن عبادة الشركاء والملائكة منهم، وهذا المعنى هو المنساق إلى الذهن من قوله في سورة الأنعام: (سيقول الذين أشركوا لو شاء الله) ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شئ) الانعام: 148، على ما يعطيه السياق ما قبله وما بعده.
وتقرر تارة لابطال النبوة القائلة أن الله يوجب عليكم كذا وكذا ويحرم عليكم كذا كذا بأن يقال لو شاء الله أن لا نعبد الشركاء ولا نحل ولا نحرم شيئا لم نعبد الشركاء ولم نضع من عندنا حكما لاستحالة تخلف مراده تعالى عن إرادته لكنا نعبدهم ونحل ونحرم أشياء فلم يشأ الله سبحانه منا شيئا، فقول إن الله يأمركم بكذا وينهاكم عن كذا وبالجملة إنه شاء كذا باطل.
وهذا المعنى هو الظاهر المستفاد من قوله تعالى في سورة النحل: (وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شئ نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شئ) النحل: 35، بالنظر إلى السياق.
وقولهم في محكي الآية المبحوث عنها: (لو شاء الرحمان ما عبدناهم) على ما يفيده سياق الآيات السابقة واللاحقة مسوق للاحتجاج على المعنى الأول وهو تصحيح
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست