تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٩٠
فلكم بنون وليس له إلا البنات وأنتم ترون أن البنت أخس من الابن فتثبتون له أخس الصنفين تخصون أنفسكم بأشرفهما، وهذا مع كونه قولا محالا في نفسه إزراء وإهانة ظاهرة وكفران.
وتقييد اتخاذ البنات بكونه مما يخلق لكونهم قائلين بكون الملائكة - على ربوبيتهم وألوهيتهم - مخلوقين لله، والالتفات في الآية إلى خطابهم لتأكيد الالزام وتثبيت التوبيخ، والتنكير والتعريف في (بنات) و (البنين) للتحقير والتفخيم.
قوله تعالى: (وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم) المثل هو المثل والشبه المجانس للشئ وضرب الشئ مثلا أخذه مجانسا للشئ و (ما ضرب للرحمان مثلا) الأنثى، والكظيم المملوء كربا وغيظا.
والمعنى: وحالهم أنه إذا بشر أحدهم بالأنثى الذي جعلها شبها مجانسا للرحمان صار وجهه مسودا من الغم وهو مملوء كربا وغيظا لعدم رضاهم بذلك وعده عارا لهم لكنهم يرضونه له.
والالتفات في الآية إلى الغيبة لحكاية شنيع سيرتهم وقبيح طريقتهم للغير حتى يتعجب منه.
قوله تعالى: (أو من ينشؤ في الحلية وهو في الخصام غير مبين) أي أو جعلوا لله سبحانه من ينشؤ في الحلية أي يتربى في الزينة وهو في المخاصمة والمحاجة غير مبين لحجته لا يقدر على تقرير دعواه.
وإنما ذكر هذين النعتين لأن المرأة بالطبع أقوى عاطفة وشفقة وأضعف تعقلا بالقياس إلى الرجل وهو بالعكس ومن أوضح مظاهر قوة عواطفها تعلقها الشديد بالحلية والزينة وضعفها في تقرير الحجة المبني على قوة التعقل.
قوله تعالى: (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمان إناثا الخ)، هذا معنى قولهم: إن الملائكة بنات الله وقد كان يقول به طوائف من عرب الجاهلية وأما غيرهم من الوثنية فربما عدوا في آلهتهم آلهة هي أم إله أو بنت إله لكن لم يقولوا بكون جميع الملائكة إناثا كما هو ظاهر المحكي في الآية الكريمة.
وإنما وصف الملائكة بقوله: (الذين هم عباد الرحمان) ردا لقولهم بأنوثتهم لان الإناث لا يطلق عليهن العباد، ولا يلزم منه اتصافهم بالذكورة بالمعنى الذي يتصف به
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست