آلهة غير الله إلى عبادته تعالى أي يرجع بعضهم - وهم العابدون لغير الله بدعوة بعضهم وهم العابدون لله - إلى عبادته تعالى، وبهذا يظهر أن المراد ببقاء الكلمة في عقبه عدم خلوهم عن الموحد ما داموا، ولعل هذا عن استجابة دعائه عليه السلام إذ يقول: (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام) إبراهيم: 35.
وقيل: الضمير في (جعل) لإبراهيم عليه السلام فهو الجاعل هذه الكلمة باقية في عقبه رجاء أن يرجعوا إليها، والمراد بجعلها باقية فيهم وصيته لهم بذلك كما قال تعالى:
(وصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنى إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون) البقرة: 132.
وأنت خبير بأن الوصية بكلمة التوحيد لا تسمى جعلا للكلمة باقية في العقب وإن صح أن يقال: أراد بها ذلك لكنه غير جعلها باقية فيهم!
وقيل: المراد أن الله جعل الإمامة كلمة باقية في عقبه وسيجئ الكلام فيه في البحث الروائي الآتي إن شاء الله.
ويظهر من الآية أن ذرية إبراهيم عليه السلام لا تخلو من هذه الكلمة إلى يوم القيامة.
قوله تعالى: (بل متعت هؤلاء وآباءهم حتى جاءهم الحق ورسول مبين إضراب عما يفهم من الآية السابقة، والمعنى: أن رجوعهم عن الشرك إلى التوحيد كان هو الغاية المرجوة منهم لكنهم لم يرجعوا بل متعت هؤلاء من قومك وآباءهم فتمتعوا بن عمي (حتى جاءهم الحق ورسول مبين).
ولعل الالتفات إلى التكلم وحده في قوله: (بل متعت) للإشارة إلى تفخيم جرمهم وأنهم لا يقصدون في كفرانهم للنعمة وكفرهم بالحق ورميه بالسحر إلا إياه تعالى وحده.
والمراد بالحق الذي جاءهم هو القرآن، وبالرسول المبين محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
قوله تعالى: (ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر وإنا به كافرون) هذا طعنهم في الحق الذي جاءهم وهو القرآن ويستلزم الطعن في الرسول. كما أن قولهم الآتي: (لولا نزل) الخ، كذلك.