فقالوا: هذا الحارث فلما غشيهم قال لهم: إلى من بعثتم؟ قالوا: إليك. قال: ولم؟
قالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث إليك الوليد بن عقبة فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله. قال: لا والذي بعث محمدا بالحق ما رأيته ولا أتاني.
فلما دخل الحارث على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: منعت الزكاة وأردت قتل رسولي؟
قال: لا والذي بعثك بالحق ما رأيته ولا رآني وما أقبلت إلا حين احتبس علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خشيت أن يكون كانت سخطة من الله ورسوله فنزل (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا - إلى قوله - حكيم).
أقول: نزول الآية في قصة الوليد بن عقبة مستفيض من طرق أهل السنة والشيعة وقال ابن عبد البر في الاستيعاب: ولا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن فيما علمت أن قوله عز وجل: (إن جاءكم فاسق بنبأ) نزلت في الوليد بن عقبة.
وفي المحاسن بإسناده عن زياد الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام في حديث له قال:
يا زياد ويحك وهل الدين إلا الحب؟ إلا ترى إلى قول الله: (إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم)؟ أولا ترون إلى قول الله لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم: (حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم)؟ قال: (يحبون من هاجر إليهم) وقال: الحب هو الدين والدين هو الحب.
أقول: وروى في الكافي بإسناده عن فضيل بن يسار عن الصادق عليه السلام ما في معناه ولفظه: وهل الايمان إلا الحب والبغض؟ ثم تلا هذه الآية: (حبب إليكم الايمان) إلى آخر الآية.
وفي المجمع وقيل: الفسوق هو الكذب عن ابن عباس وابن زيد وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام.
أقول: وفي هذا المعنى بعض روايات أخر.
في الكافي بإسناده عن علي بن عقبة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشه ولا يعده عدة فيخلفه.
أقول: وفي معناه روايات أخر عنه عليه السلام وفي بعضها: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يغتابه.