تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٣٣٠
وسبيل الله دينه، والمراد بالمجاهدة بالأموال والأنفس العمل بما تسعه الاستطاعة وتبلغه الطاقة في التكاليف المالية كالزكاة وغير ذلك من الانفاقات الواجبة، والتكاليف البدنية كالصلاة والصوم والحج وغير ذلك.
والمعنى: ويجدون بإتيان التكاليف المالية والبدنية حال كونهم أو حال كون عملهم في دين الله وسبيله.
وقوله: (أولئك هم الصادقون) تصديق في إيمانهم إذا كانوا على الصفات المذكورة.
قوله تعالى: (قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شئ عليم) توبيخ للأعراب حيث قالوا: آمنا ولازمه دعوى الصدق في قولهم والاصرار على ذلك، وقيل: لما نزلت الآية السابقة حلفت الاعراب أنهم مؤمنون صادقون في قولهم: آمنا، فنزل: (قل أتعلمون الله بدينكم) الآية، ومعنى الآية ظاهر.
قوله تعالى: (يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا على إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للايمان إن كنتم صادقين) أي يمنون عليك بأن أسلموا وقد أخطأوا في منهم هذا من وجهين أحدهما أن حقيقة النعمة التي فيها المن هو الايمان الذي هو مفتاح سعادة الدنيا والآخرة دون الاسلام الذي له فوائد صورية من حقن الدماء وجواز المناكح والمواريث، وثانيهما أن ليس للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من أمر الدين إلا أنه رسول مأمور بالتبليغ فلا من عليه لاحد ممن أسلم.
فلو كان هناك من لكان لهم على الله سبحانه لان الدين دينه لكن لا من لاحد على الله لان المنتفع بالدين في الدنيا والآخرة هم المؤمنون دون الله الغني على الاطلاق فالمن لله عليهم أن هداهم له.
وقد بدل ثانيا الاسلام من الايمان للإشارة إلى أن المن إنما هو بالايمان دون الاسلام الذي إنما ينفعهم في الظاهر فقط.
فقد تضمن قوله: (قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن) الخ، الإشارة إلى خطاهم من الجهتين جميعا:
إحداهما: خطأهم من جهة توجيه المن إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو رسول ليس له من الامر شئ، واليه الإشارة بقوله: (لا تمنوا علي إسلامكم).
(٣٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 335 ... » »»
الفهرست