تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٣١٧
وسيجئ قول الصادق عليه السلام: المؤمن أخو المؤمن، عينه ودليله، لا يخونه، ولا يظلمه ولا يغشه، ولا يعده عدة فيخلفه.
وقد خفي هذا المعنى على بعض المفسرين فأخذ إطلاق الاخوة في كلامه تعالى على المؤمنين إطلاقا مجازيا من باب الاستعارة بتشبيه الاشتراك في الايمان بالمشاركة في أصل التوالد لان كلا منهما أصل للبقاء إذ التوالد منشأ الحياة، والايمان منشأ البقاء الأبدي في الجنان، وقيل: هو من باب التشبيه البليغ من حيث انتسابهم إلى أصل واحد هو الايمان الموجب للبقاء الأبدي.
(بحث روائي) في المجمع في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا) روى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: ما سلت السيوف، ولا أقيمت الصفوف في صلاة ولا زحوف، ولا جهر بأذان، ولا أنزل الله: (يا أيها الذين آمنوا) حتى أسلم أبناء قبيلة الأوس والخزرج.
أقول: وعن ابن عباس أيضا ما نزل يا أيها الذين آمنوا إلا بالمدينة، ولا (يا أيها الناس) إلا بمكة الخبر. وتوقف بعضهم في عموم ذيله، واعلم أن هناك روايات في الدر المنثور وتفسير القمي في سبب نزول قوله: (لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) الآية لا تنطبق على الآية ذاك الانطباق تركناها من أراد الوقوف عليها فليراجعهما.
وفي الدر المنثور أخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو يعلى والبغوي في معجم الصحابة وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أنس قال: لما نزلت (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي - إلى قوله - وأتم لا تشعرون) وكان ثابت بن قيس بن شماس رفيع الصوت فقال: أنا الذي كنت أرفع صوتي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حبط عملي أنا من أهل النار، وجلس في بيته حزينا.
ففقده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فانطلق بعض القوم إليه فقالوا له: فقدك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لك؟ قال: أنا الذي أرفع صوتي فوق صوت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأجهر له بالقول حبط عملي وأنا من أهل النار فأتوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبروه بذلك فقال: لا بل هو من أهل الجنة. فلما كان يوم اليمامة قتل.
(٣١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 ... » »»
الفهرست