تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٢٩٧
قال ابن إسحاق: ولما افتتح القموص حصن أبي الحقيق أتي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بصفية بنت حيى بن أخطب وبأخرى معها فمر بهما بلال - وهو الذي جاء بهما - على قتلى من قتلى يهود فلما رأتهم التي معها صفية صاحت وصكت وجهها وحثت التراب على رأسها فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: اعزبوا عني هذه الشيطانة، وأمر بصفية فحيزت خلفه وألقى عليها رداءه فعرف المسلمون أنه قد اصطفاها لنفسه، وقال لبلال لما رأى من تلك اليهودية ما رأى: أنزعت منك الرحمة يا بلال حيث تمر بامرأتين على قتلى رجالهما؟
وكانت صفية قد رأت في المنام - وهي عروس بكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق - أن قمرا وقع في حجرها فعرضت رؤياها على زوجها فقال: ما هذا إلا أنك تتمنين ملك الحجاز محمدا ولطم وجهها لطمة اخضرت عينها منها فاتي بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبها أثر منها فسألها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما هو؟ فأخبرته.
وأرسل ابن أبي الحقيق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنزل فأكلمك؟ قال: نعم. فنزل وصالح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على حقن دماء من في حصونهم من المقاتلة وترك الذرية لهم، ويخرجون من خيبر وأرضها بذراريهم ويخلون بين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبين ما كان لهم من مال وأرض على الصفراء والبيضاء والكراع (1) والخلقة وعلى البز إلا ثوبا على ظهر إنسان، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبرئت منكم ذمة الله وذمة رسوله إن كتمتموني شيئا فصالحوه على ذلك.
فلما سمع بهم أهل فدك قد صنعوا ما صنعوا بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسألونه أن يسيرهم ويحقن دماءهم ويخلون بينه وبين الأموال ففعل وكان ممن مشى بين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبينهم في ذلك محيصة بن مسعود أحد بني حارثة.
فلما نزل أهل خيبر على ذلك سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يعاملهم الأموال على النصف، وقالوا: نحن أعلم بها منكم وأعمر لها فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على النصف على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم وصالحه أهل فدك على مثل ذلك فكانت

(1) الكراع: بضم الكاف مطلق الماشية والخلفة بالكسر فالسكون الأثاث والبز الثواب.
(٢٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 ... » »»
الفهرست