تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٢٩٢
الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو تحت شجرة سمرة فبايعناه فذلك قول الله تعالى: (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) فبايع لعثمان إحدى يديه على الأخرى فقال الناس هنيئا لابن عفان يطوف بالبيت ونحن ههنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لو مكث كذا وكذا سنة ما طاف حتى أطوف.
وفيه أخرج عبد بن حميد ومسلم وابن مردويه عن مغفل بن يسار قال: لقد رأيتني يوم الشجرة والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يبايع الناس وأنا رافع غصنا من أغصانها عن رأسه ونحن أربع عشرة مائة ولم نبايعه على الموت ولكن بايعناه على أن لا نفر.
أقول: كون المؤمنين يومئذ أربع عشرة مائة مروي في روايات أخرى، وفي بعض الروايات ألف وثلاثمائة وفي بعضها إلى ألف وثمان مائة، وكذا كون البيعة على أن لا يفروا وفي بعضها على الموت.
وفيه أخرج أحمد عن جابر ومسلم عن أم بشر عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة.
وفيه أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى: (فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم) قال: إنما أنزلت السكينة على من علم منه الوفاء.
أقول: والرواية تخصص ما تقدم عليها ويدل عليه قوله تعالى فيما تقدم: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما) فاشترط في الاجر - ويلازمه الاشتراط في الرضا - الوفاء وعدم النكث، وقد أورد القمي هذا المعنى في تفسيره وكأنه رواية.
وفي الدر المنثور أيضا في قوله تعالى: إذ جعل الذين كفروا) الآية أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن سهل بن حنيف أنه قال يوم صفين: اتهموا أنفسكم فلقد رأيتنا يوم الحديبية نرجئ الصلح الذي كان بين النبي صلى الله عليه وآله و سلم وبين المشركين ولو نرى قتالا لقاتلنا.
فجاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله ألسنا على الحق وهم على الباطل؟
قال: بلى. قال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال: بلى. قال: ففيم نعطي
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»
الفهرست