قوله تعالى: (وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه) الخ، المراد بهذه المغانم الكثيرة المغانم التي سيأخذها المؤمنون بعد الرجوع من الحديبية أعم من مغانم خيبر وغيرها فتكون الإشارة بقوله: (فعجل لكم هذه) إلى المغانم المذكورة في الآية السابقة وهي مغانم خيبر نزلت منزلة الحاضرة لاقتراب وقوعها.
هذا على تقدير نزول الآية مع الآيات السابقة، وأما على ما قيل: إن الآية نزلت بعد فتح خيبر فأمر الإشارة في قوله: (فعجل لكم هذه) ظاهر لكن المعروف نزول السورة بتمامها في مرجع النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الحديبية بينها وبين المدينة.
وقيل: الإشارة بهذه إلى البيعة التي بايعوها تحت الشجرة وهو كما ترى.
وقوله: (وكف أيدي الناس عنكم) قيل: المراد بالناس قبيلتا أسد وغطفان هموا بعد مسير النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى خيبر أن يغيروا على أموال المسلمين وعيالهم بالمدينة فقذف الله في قلوبهم الرعب وكف أيديهم.
وقيل: المراد مالك بن عوف وعيينة بن حصين مع بني أسد وغطفان جاؤوا لنصرة يهود خيبر فقذف الله في قلوبهم الرعب فرجعوا، وقيل: المراد بالناس أهل مكة ومن والاها حيث لم يقاتلوه صلى الله عليه وآله وسلم ورضوا بالصلح.
وقوله: (ولتكون آية للمؤمنين) عطف على مقدر أي وعدهم الله بهذه الإثابة إثابة الفتح والغنائم الكثيرة المعجلة والمؤجلة لمصالح كذا وكذا ولتكون آية للمؤمنين أي علامة وأمارة تدلهم على أنهم على الحق وأن ربهم صادق في وعده ونبيهم صلى الله عليه وآله وسلم صادق في إنبائه.
وقد اشتملت السورة على عدة من أنباء الغيب فيها هدى للمتقين كقوله: (سيقول لك المخلفون من الاعراب شغلتنا) الخ، وقوله: (سيقول المخلفون إذا انطلقتم) الخ، وقوله: (قل للمخلفين من الاعراب ستدعون) الخ، وما في هذه الآيات من وعد الفتح والمغانم، وقوله بعد: (وأخرى لم تقدروا عليها) الخ، وقوله بعد: (لقد صدق الله رسوله الرؤيا) الخ.
وقوله: (ويهديكم صراطا مستقيما) عطف على (تكون) أي وليهديكم صراطا مستقيما وهو الطريق الموصل إلى إعلاء كلمة الحق وبسط الدين، وقيل: هو الثقة بالله