تكاليف خاصة بكل واحد منهم فعليهم أن يقتحموا هذه المهالك وإن كان ذلك منا القاء النفس في التهلكة وهو حرام، واليه إشارة في بعض الاخبار.
وأجاب بعضهم عنه بأن الذي ينجز التكاليف من العلم هو العلم من الطرق العادية وأما غيره فليس بمنجز، ويمكن توجيه الوجهين بما يرجع إلى ما تقدم.
قوله تعالى: (قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فامن واستكبرتم) الخ، ضمائر (كان) و (به) و (مثله) على ما يعطيه السياق للقرآن، وقوله: (وشهد شاهد من بني إسرائيل) الخ، معطوف على الشرط ويشاركه في الجزاء، والمراد بمثل القرآن مثله من حيث مضمونه في المعارف الإلهية وهو كتاب التوراة الأصلية التي نزلت على موسى عليه السلام، وقوله: (فامن واستكبرتم) أي فامن الشاهد الإسرائيلي المذكور بعد شهادته.
وقوله: (إن الله لا يهدي القوم الظالمين) تعليل للجزاء المحذوف دال عليه، والظاهر أنه ألستم ضالين لا ما قيل: إنه ألستم ظلمتم لان التعليل بعدم هداية الله الظالمين إنما يلائم ضلالهم لا ظلمهم وإن كانوا متصفين بالوصفين جميعا.
والمعنى: قل للمشركين: أخبروني إن كان هذا القرآن من عند الله والحال أنكم كفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثل ما في القرآن من المعارف فامن هو واستكبرتم أنتم ألستم في ضلال؟ فإن الله لا يهدي القوم الظالمين.
والذي شهد على مثله فامن على ما في بعض الاخبار هو عبد الله بن سلام من علماء اليهود، والآية على هذا مدنية لا مكية لأنه ممن آمن بالمدينة، وقول بعضهم: من الجائز أن يكون التعبير بالماضي في قوله: (وشهد شاهد من بني إسرائيل فامن) لتحقق الوقوع والقصة واقعة في المستقبل سخيف لأنه لا يلائم كون الآية في سياق الاحتجاج فالمشركون ما كانوا ليسلموا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم صدقه فيما يخبرهم به من الأمور المستقبلة.
وفي معنى الآية أقوال أخر منها أن المراد ممن شهد على مثله فامن هو موسى عليه السلام شهد على التوراة فامن به وإنما عدلوا عن المعنى السابق إلى هذا المعنى للبناء على كون الآية مكية وأنه إنما أسلم عبد الله بن سلام بالمدينة.
وفيه أولا: عدم الدليل على كون الآية مكية ولتكن القصة دليلا على كونها مدنية، وثانيا: بعد أن يجعل موسى الكليم عليه السلام قرينا لهؤلاء المشركين الأجلاف