تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ١٩٥
يقاسون به فيقال ما محصله: إن موسى عليه السلام آمن بالكتاب النازل عليه وأنتم استكبرتم عن الايمان بالقرآن فسخافته ظاهرة.
ومما قيل أن المثل في الآية بمعنى نفس الشئ كما قيل في قوله تعالى: (ليس كمثله شئ) الشورى: 11، وهو في البعد كسابقه.
قوله تعالى: (وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه) إلى آخر الآية قيل: اللام في قوله: (للذين آمنوا) للتعليل أي لأجل إيمانهم ويؤل إلى معنى في، وضمير (كان) و (إليه) للقرآن من جهة الايمان به.
والمعنى: وقال الذين كفروا في الذين آمنوا - أي لأجل إيمانهم -: لو كان الايمان بالقرآن خيرا ما سبقونا - أي المؤمنون - إليه.
وقال بعضهم: إن المراد بالذين آمنوا بعض المؤمنين وبالضمير العائد إليه في قوله: (سبقونا) البعض الاخر، واللام متعلق بقال والمعنى: وقال الذين كفروا لبعض المؤمنين لو كان خيرا ما سبقنا البعض من المؤمنين وهم الغائبون إليه، وفيه أنه بعيد من سياق الآية.
وقال آخرون: إن المراد بالذين آمنوا المؤمنون جميعا لكن في قوله: ما سبقونا التفاتا والأصل ما سبقتمونا وهو في البعد كسابقه وليس خطاب الحاضرين بصيغة الغيبة من الالتفات في شئ.
وقوله: (وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم) ضمير (به) للقرآن وكذا الإشارة بهذا إليه والإفك الافتراء أي وإذ لم يهتدوا بالقرآن لاستكبارهم عن الايمان به فسيقولون أي الذين كفروا هذا أي القرآن إفك وافتراء قديم، وقولهم: هذا إفك قديم كقولهم: أساطير الأولين.
قوله تعالى: (ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا) الخ، الظاهر أن قوله: (ومن قبله) الخ، جملة حالية والمعنى: فسيقولون هذا إفك قديم والحال أن كتاب موسى حال كونه إماما ورحمة قبله أي قبل القرآن وهذا القرآن كتاب مصدق له حال كونه لسانا عربيا ليكون منذرا للذين ظلموا وهو بشرى للمحسنين فكيف يكون إفكا؟
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست