تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ١٩٦
وكون التوراة إماما ورحمة هو كونها بحيث يقتدي بها بنو إسرائيل ويتبعونها في أعمالهم ورحمة للذين آمنوا بها واتبعوها في إصلاح نفوسهم.
قوله تعالى: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) إلى آخر الآية المراد بقولهم ربنا الله إقرارهم وشهادتهم بانحصار الربوبية في الله سبحانه وتوحده فيها، وباستقامتهم ثباتهم على ما شهدوا به من غير زيغ وانحراف والتزامهم بلوازمه العملية.
وقوله: (فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) أي ليس قبالهم مكروه محتمل يخافونه من عقاب محتمل، ولا مكروه محقق يحزنون به من عقاب أو هول، فالخوف إنما يكون من مكروه ممكن الوقوع، والحزن من مكروه محقق الوقوع، والفاء في قوله: (فلا خوف) الخ، لتوهم معنى الشرط فإن الكلام في معنى من قال ربنا الله ثم استقام فلا خوف الخ.
قوله تعالى: (أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون) المراد بصحابة الجنة ملازمتها، وقوله: (خالدين فيها) حال مؤكدة لمعنى الصحابة.
والمعنى: أولئك الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ملازمون للجنة حال كونهم خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون في الدنيا من الطاعات والقربات.
(بحث روائي) في الكافي بإسناده عن أبي عبيدة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله تعالى:
(ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين) قال: عنى بالكتاب التوراة والإنجيل (وأثارة من علم) فإنما عنى بذلك علم أوصياء الأنبياء.
وفي الدر المنثور أخرج أحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمان عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (أو أثارة من علم) قال: الخط.
أقول: لعل المراد بالخط كتاب مخطوط موروث من الأنبياء أو العلماء الماضين لكن في بعض ما روي في تفسير قوله: (أو أثارة من علم) أنه حسن الخط وفي بعض آخر أنه جودة الخط وهو أجنبي من سياق الاحتجاج الذي في الآية.
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»
الفهرست