تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ١٤١
قوله تعالى: (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) بكاء السماء والأرض على شئ فائت كناية تخييلية عن تأثر هما عن فوته وفقده فعدم بكائهما عليهم بعد إهلاكهم كناية عن هوان أمرهم على الله وعدم تأثير هلاكهم في شئ من أجزاء الكون.
وقوله: (وما كانوا منظرين) كناية عن سرعة جريان القضاء الإلهي والقهر الربوبي في حقهم وعدم مصادفته لمانع يمنعه أو يحتاج إلى علاج في رفعه حتى يتأخر به.
قوله تعالى: (ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين) وهو ما يصيبهم وهم في أسارة فرعون من ذبح الأبناء واستحياء النساء وغير ذلك.
قوله تعالى: (من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين) (من فرعون) بدل من قوله: (من العذاب) إما بحذف مضاف والتقدير من عذاب فرعون، أو من غير حذف بجعل فرعون عين العذاب دعوى للمبالغة، وقوله: (إنه كان عاليا من المسرفين) أي متكبرا من أهل الاسراف والتعدي عن الحد.
قوله تعالى: (ولقد اخترناهم على علم على العالمين) أي اخترناهم على علم منا باستحقاقهم الاختيار على ما يفيده السياق.
والمراد بالعالمين جميع العالمين من الأمم إن كان المراد بالاختيار الاختيار من بعض الوجوه ككثرة الأنبياء فإنهم يمتازون من سائر الأمم بكثرة الأنبياء المبعوثين منهم ويمتازون بأن مر عليهم دهر طويل في التيه وهم يتظللون بالغمام ويأكلون المن والسلوى إلى غير ذلك.
وعالمو أهل زمانهم إن كان المراد بالاختيار مطلقة فإنهم لم يختاروا على الأمة الاسلامية التي خاطبهم الله تعالى بمثل قوله: (كنت خير أمة أخرجت للناس) آل عمران: 110، وقوله: (هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج) الحج: 78.
قوله تعالى: (وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين) البلاء الاختبار والامتحان أي وأعطينا بني إسرائيل من الآيات المعجزات ما فيه امتحان ظاهر ولقد أوتوا من الآيات المعجزات ما لم يعهد في غيرهم من الأمم وابتلوا بذلك ابتلاء مبينا.
قيل: وفي قوله: (فيه) إشارة إلى أن هناك أمورا أخرى ككونه معجزة.
وفي تذييل القصة بهذه الآيات الأربع أعني قوله: (ولقد نجينا بني إسرائيل
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»
الفهرست