تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ١٣٩
بذلك استرحاما وتلويحا إلى أنهم في استكبارهم وتعديهم عليهم إنما يستكبرون على الله لأنهم عباد الله.
وفي قوله: (إني لكم رسول أمين) حيث وصف نفسه بالأمانة دفع لاحتمال أن يخونهم في دعوى الرسالة وإنجاء بني إسرائيل من سيطرتهم فيخرج معهم عليهم فيخرجهم من أرضهم كما حكى تعالى عن فرعون إذ قال للملا حوله: (إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره) الشعراء: 25.
وقيل: (عباد الله) نداء لفرعون وقومه والتقدير أن أدوا إلى ما آمركم به يا عباد الله، ولا يخلو من التقدير المخالف للظاهر.
قوله تعالى: (وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين) أي لا تتجبروا على الله بتكذيب رسالتي والاعراض عما أمركم الله فإن تكذيب الرسول في رسالته استعلاء وتجبر على من أرسله والدليل على أن المراد ذلك تعليل النهي بقوله: (إني آتيكم بسلطان مبين) أي حجة بارزة من الآيات المعجزة أو حجة المعجزة وحجة البرهان.
قيل: ومن حسن التعبير الجمع بين التأدية والأمين وكذا بين العلو والسلطان.
قوله تعالى: (وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون) أي التجأت إليه تعالى من رجمكم إياي فلا تقدرون على ذلك، والظاهر أنه إشارة إلى ما آمنه ربه قبل المجئ إلى القوم كما في قوله تعالى: (قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى) طه: 46.
وبما مر يظهر فساد ما قيل: إن هذا كان قبل أن يخبره الله بعجزهم عن رجمه بقوله سبحانه: (فلا يصلون اليكما).
قوله تعالى: (وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون) أي إن لم تؤمنوا لي فكونوا بمعزل مني لا لي ولا علي ولا تتعرضوا لي بخير أو شر، وقيل المراد تنحوا عني وانقطعوا، وهو بعيد.
قوله تعالى: (فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون) أي دعاه بأن هؤلاء قوم مجرمون وقد ذكر من دعائه السبب الداعي له إلى الدعاء وهو إجرامهم إلى حد يستحقون معه الهلاك ويعلم ما سأله مما أجاب به ربه تعالى إذ قال: (فأسر بعبادي)
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 ... » »»
الفهرست