تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ١٢٢
لغيرهم ليزيد به اغتباطهم ويظهر به صدق ما وعدوا به.
وقوله: (وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين) الظاهر أن المراد بما تشتهيه الأنفس ما تتعلق به الشهوة الطبيعية من مذوق ومشموم ومسموع وملموس مما يتشارك فيه الانسان وعامة الحيوان، والمراد بما تلذه الأعين الجمال والزنية وذلك مما الالتذاذ به كالمختص بالانسان كما في المناظر البهجة والوجه الحسن واللباس الفاخر، ولذا غير التعبير فعبر عما يتعلق بالأنفس بالاشتهاء وفيما يتعلق بالأعين باللذة وفي هذين القسمين تنحصر اللذائذ النفسانية عندنا.
ويمكن أن تندرج اللذائذ الروحية العقلية فيما تلذه الأعين فإن الالتذاذ الروحي يعد من رؤية القلب.
قال في المجمع: وقد جمع الله سبحانه في قوله: (ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين) ما لو اجتمع الخلائق كلهم على أن يصفوا ما في الجنة من أنواع النعيم لم يزيدوا على ما انتظمته هاتان الصفتان. انتهى.
وقوله: (وأنتم فيها خالدون) إخبار ووعد وتبشير بالخلود ولهم في العلم به من اللذة الروحية ما لا يقاس بغيره ولا يقدر بقدر.
قوله تعالى: (وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون) قيل: المعنى أعطيتموها بأعمالكم، وقيل أورثتموها من الكفار وكانوا داخليها لو آمنوا وعملوا صالحا، وقد تقدم الكلام في المعنيين في تفسير قوله تعالى: (أولئك هم الوارثون) المؤمنون: 10.
قوله تعالى: (لكم فيها فاكهة كثيرة منها تأكلون) أضاف الفاكهة إلى ما مرت الإشارة إليه من الطعام والشراب لاحصاء النعمة، و (من) في (منها تأكلون) للتبعيض ولا يخلو من إشارة إلى أنها لا تنفد بالاكل.
قوله تعالى: (إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون لا يفتر عنهم وهم فيها مبلسون) المراد بالمجرمين المتلبسون بالاجرام فيكون أعم من الكفار ويؤيده إيراده في مقابلة المتقين وهو أخص من المؤمنين.
والتفتير التخفيف والتقليل، والابلاس اليأس ويأسهم من الرحمة أو من الخروج من النار.
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»
الفهرست