تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ١٣٣
لدنا، ويمكن أن يكون المراد به ما يقابل النهي والمعنى: يفرق فيها كل أمر بأمر منا، وهو على أي حال متعلق بقوله: (يفرق).
ويمكن أن يكون متعلقا بقوله: (أنزلناه) أي حال كون الكتاب أمرا أو بأمر من عندنا، وقوله: (إنا كنا مرسلين) لا يخلو من تأييد لذلك، ويكون تعليلا له والمعنى: إنا أنزلناه أمرا من عندنا لان سنتنا الجارية إرسال الأنبياء والرسل.
قوله تعالى: (رحمة من ربك أنه هو السميع العليم) أي إنزاله رحمة من ربك أو أنزلناه لأجل إفاضة الرحمة على الناس أو لاقتضاء رحمة ربك إنزاله فقوله: (رحمة) حال على المعنى الأول ومفعول له على الثاني والثالث.
وفي قوله: (من ربك) التفات من التكلم مع الغير إلى الغيبة ووجهه إظهار العناية بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنه هو الذي انزل عليه القرآن وهو المنذر المرسل إلى الناس.
وقوله: (إنه هو السميع العليم) أي السميع للمسائل والعليم بالحوائج فيسمع مسألتهم ويعلم حاجتهم إلى الاهتداء بهدى ربك فينزل الكتاب ويرسل الرسول رحمة منه لهم.
قوله تعالى: (رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين) لما كانت الوثنية يرون أن لكل صنف من الخلق إلها أو أكثر وربما اتخذ قوم منهم إلها غير ما يتخذه غيرهم عقب قوله: (من ربك) بقوله: (رب السماوات) الخ، لئلا يتوهم متوهم منهم أن ربوبيته للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ليست بالاختصاص كالتي بينهم بل هو تعالى ربه ورب السماوات والأرض وما بينهما، ولذلك عقبه أيضا في الآية التالية بقوله: (لا إله إلا هو).
وقوله: (إن كنتم موقنين) هذا الاشتراط كما ذكره الزمخشري من قبيل قولنا هذا إنعام زيد الذي تسامع الناس بكرمه واشتهروا سخاءه إن بلغك حديثه وحدثت بقصته فالمعنى هو الذي يعرفه الموقنون بأنه رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم منهم عرفتموه بأنه رب كل شئ.
قوله تعالى: (لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب آبائكم الأولين) لما كان مدلول الآية السابقة انحصار الربوبية وهي الملك والتدبير فيه تعالى والألوهية وهي
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست