الساعة هي المنزل الأقصى إليه يسير الكل وكيف يصح أن يرب الأشياء من لا علم له بمنتهى مسيرها فهو تعالى رب الأشياء لا من يدعونه، وأما رجوع الناس إليه فإن الرجوع للحساب والجزاء وهو آخر التدبير فمن إليه الرجوع فإليه التدبير ومن إليه التدبير له الربوبية.
قوله تعالى: (ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون) السياق سياق العموم فالمراد بالذين يدعون، أي يعبدونهم من دونه، كل معبود غيره تعالى من الملائكة والجن والبشر وغيرهم.
والمراد (بالحق) الحق الذي هو التوحيد، والشهادة به الاعتراف به، والمراد بقوله: (وهم يعلمون) حيث أطلق العلم علمهم بحقيقة حال من شفعوا له وحقيقة عمله كما قال: (لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا) النبأ: 38، وإذا كان هذا حال الشفعاء لا يملكونها إلا بعد الشهادة بالحق فما هم بشافعين إلا لأهل التوحيد كما قال: (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى).
والآية مصرحة بوجود الشفاعة.
قوله تعالى: (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون) أي إلى متى يصرفون عن الحق الذي هو التوحيد إلى الباطل الذي هو الشرك، وذلك أنهم معترفون أن لا خالق إلا الله والتدبير الذي هو ملاك الربوبية غير منفك عن الخلق كما اتضح مرارا فالرب المعبود هو الذي بيده الخلق وهو الله سبحانه.
قوله تعالى: (وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون) ضمير (قيله) للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بلا إشكال، والقيل مصدر كالقول والقال، و (قيله) معطوف - على ما قيل - على الساعة في قوله: (وعنده علم الساعة)، والمعنى: وعنده علم قوله: (يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون).
قوله تعالى: (فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون) أمر بالاعراض عنهم وإقناط من إيمانهم، وقوله (قل سلام) أي وادعهم موادعة ترك من غير هم لك فيهم، وفي قوله: (فسوف يعلمون) تهديد ووعيد.