تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ١٢٥
والمعنى: على ما يفيده سياق الآية والآية التالية بل أحكموا أمرا من الكيد بك يا محمد فإنا محكمون الكيد بهم فالآية في معنى قوله تعالى: (أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون) الطور: 42.
قوله تعالى: (أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم و نجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون) السر ما يستسرونه في قلوبهم والنجوى ما يناجيه بعضهم بعضا بحيث لا يسمعه غيرهما، ولما كان السر حديث النفس عبر عن العلم بالسر والنجوى جميعا بالسمع.
وقوله: (بلى ورسلنا لديهم يكتبون) أي بلى نحن نسمع سرهم ونجواهم ورسلنا الموكلون على حفظ أعمالهم عليهم يكتبون ذلك.
قوله تعالى: (قل إن كان للرحمان ولد فإنا أول العابدين) إبطال لألوهية الولد بإبطال أصل وجوده من جهة علمه بأنه ليس، والتعبير بإن الشرطية دون لو الدالة على الامتناع - وكان مقتضى المقام أن يقال: لو كان للرحمن ولد، لاستنزالهم عن رتبة المكابرة إلى مرحلة الانتصاف.
والمعنى: قل لهم إن كان للرحمان ولد كما يقولون، فأنا أول من يعبده أداء لحق بنوته ومسانخته لوالده، لكني أعلم أنه ليس ولذلك لا أعبده لا لبغض ونحوه.
وقد أوردوا للآية معاني أخرى:
منها: أن المعنى لو كان لله ولد كما تزعمون فأنا أعبد الله وحده ولا أعبد الولد الذي تزعمون.
ومنها: أن (إن) نافية والمعنى: قل ما كان لله ولد فأنا أول العابدين الموحدين له من بينكم.
ومنها: أن (العابدين) من عبد بمعنى أنف والمعنى: قل لو كان للرحمان ولد فأنا أول من أنف واستنكف عن عبادته لان الذي يلد لا يكون إلا جسما والجسمية تنافي الألوهية.
ومنها: أن المعنى: كما أني لست أول من عبد الله كذلك ليس لله ولد أي لو جاز لكم أن تدعوا ذاك المحال جاز لي أن أدعي هذا المحال. إلى غير ذلك مما قيل لكن الظاهر من الآية ما قدمناه.
قوله تعالى: (سبحان رب السماوات والأرض رب العرش عما يصفون) تسبيح
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»
الفهرست