تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٧ - الصفحة ٣٨٣
الخ لا شك أن الله سبحانه خالق كل شئ لا موجد غيره فلا يحول بين خلقه وبينه شئ ولا يحجب خلقه من حاجب فهو تعالى مع كل شئ أينما كان وكيفما كان قال تعالى:
" إن الله على كل شئ شهيد " الحج: 17 وقال: " وكان الله على كل شئ رقيبا " الأحزاب: 52.
فالانسان أينما كان كان الله معه، وأي عمل عمله كان الله مع عمله، وأي عضو من أعضائه استعمله وأي سبب أو أداة أو طريق اتخذه لعمله كان مع ذلك العضو والسبب والأداة والطريق قال تعالى: " وهو معكم أينما كنتم " الحديد: 4، وقال: " أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت " الرعد: 33، وقال: " إن ربك لبالمرصاد " الفجر: 14.
ومن هنا يستنتج أن الانسان - وهو جار في عمله - واقع بين مراصد كثيرة يرصده من كل منها ربه ويرقبه ويشهده فمرتكب المعصية وهو متوغل في سيئته غافل عنه تعالى في جهل عظيم بمقام ربه واستهانة به سبحانه وهو يرصده ويرقبه.
وهذه الحقيقة هي التي تشير إليه الآية أعني قوله: " وما كنتم تستترون " الخ على ما يعطيه السياق.
فقوله: " وما كنتم تستترون " نفي لاستتارهم وهم في المعاصي قبلا وهم في الدنيا وقوله: " أن يشهد " الخ منصوب بنزع الخافض والتقدير من أن يشهد الخ.
وقوله: " ولكن ظننتم أن الله لا يعلم " استدراك في معنى الاضراب عن محذوف يدل عليه صدر الآية، والتقدير ولم تظنوا أنها لا تعلم أعمالكم ولكن ظننتم الخ والآية تقريع وتوبيخ للمشركين أو لمطلق المجرمين يوجه إليهم يوم القيامة من قبله تعالى.
ومحصل المعنى وما كنتم تستخفون في الدنيا عند المعاصي من شهادة أعضائكم التي تستعملونها في معصية الله ولم يكن ذلك لظنكم أنها لا إدراك فيها لعملكم بل لظنكم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون أي لم تستهينوا عند المعصية بشهادة أعضائكم وإنما استهنتم بشهادتنا.
فالاستدراك ومعنى الاضراب في الآية نظير ما في قوله تعالى: " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى " الأنفال: 17، وقوله: " وما ظلمونا ولكن كانوا أنفهم
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة فاطر 5
2 (سورة فاطر 1) كلام في الملائكة. (بحث قرآني) 12
3 (15 - 26) كلام في معنى عموم الانذار. (بحث عقلي) 38
4 سورة يس 61
5 سورة الصافات 119
6 (الصافات 1 - 11) كلام في معنى الشهب. (بحث قرآني) 124
7 (114 - 132) كلام في قصة إلياس عليه السلام. (بحث قرآني وروائي) 159
8 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني وروائي) 159
9 2 - الأحاديث فيه. (بحث قرآني وروائي) 159
10 (133 - 148) كلام في قصة يونس عليه السلام في فصول. (بحث مختلط) 165
11 1 - قصته في القرآن. (بحث مختلط) 165
12 2 - قصته عند أهل الكتاب. (بحث مختلط) 167
13 3 - ثناؤه تعالى عليه. (بحث مختلط) 169
14 سورة ص 180
15 (17 - 29) كلام في قصة داود عليه السلام في فصول. (بحث قرآني) 201
16 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني) 201
17 2 - جميل الثناء عليه. (بحث قرآني) 201
18 3 - حول قصة المتخاصمين. (بحث قرآني) 201
19 (41 - 48) كلام في قصة أيوب عليه السلام في فصول. (بحث قرآني وروائي) 212
20 1 - قصته في القرآن. (بحث قرآني وروائي) 212
21 2 - جميل ثنائه. (بحث قرآني وروائي) 212
22 3 - قصته في الروايات. (بحث قرآني وروائي) 212
23 خبر اليسع وذي الكفل عليهما السلام. (بحث روائي) 216
24 سورة الزمر 230
25 (1 - 10) كلام في معنى الرضا والسخط من الله. (بحث عقلي وقرآني) 240
26 سورة المؤمن 301
27 سورة حم السجدة 357
28 (حم السجدة) كلام فيه تتميم في معنى السماء. (بحث قرآني) 369
29 (1 - 11) بحث إجمالي في سراية العلم. (بحث قرآني) 381
30 (13 - 25) بحث إجمالي آخر في ذلك. (بحث فلسفي) 382