عذاب النار المقضي في حقه وحق أتباعه وعند ذلك تختتم السورة.
قوله تعالى: " قل إنما أنا منذر وما من إله إلا الله الواحد القهار - إلى قوله - العزيز الغفار " في الآيتين أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإبلاغ أنه منذر وأن الله تعالى واحد في الألوهية فقوله: " إنما أنا منذر " يفيد قصره في كونه منذرا ونفي سائر الأغراض التي ربما تتلبس به الدعوة بين الناس من طلب مال أو جاه كما يشير إليه ما في آخر الآيات من قوله: " قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين ".
وقوله: " وما من إله إلا الله " إلى آخر الآيتين إبلاغ لتوحيده تعالى بحجة يدل عليها ما أورد من صفاته المدلول عليها بأسمائه.
فقوله: " وما من إله إلا الله " نفي لكل إله - والاله هو المعبود بالحق - غيره تعالى وأما ثبوت ألوهيته تعالى فهو مسلم بانتفاء ألوهية غيره إذ لا نزاع بين الاسلام والشرك في أصل ثبوت الاله وإنما النزاع في أن الاله وهو المعبود بالحق هو الله تعالى أو غيره. على أن ما ذكر في الآيتين من الصفات متضمن لاثبات ألوهيته كما أنها حجة على انتفاء ألوهية غيره تعالى.
وقوله: " الواحد القهار " يدل على توحده تعالى في وجوده وقهره كل شئ وذلك أنه تعالى واحد لا يماثله شئ في وجوده ولا تناهي كماله الذي هو عين وجوده الواجب فهو الغني بذاته وعلى الاطلاق وغيره من شئ فقير يحتاج إليه من كل جهة ليس له من الوجود وآثار الوجود إلا ما أنعم وأفاض فهو سبحانه القاهر لكل شئ على ما يريد وكل شئ مطيع له فيما أراد خاضع له فيما شاء.
وهذا الخضوع الذاتي هو حقيقة العبادة فلو جاز أن يعبد شئ في الوجود عملا بأن يؤتى بعمل يمثل به العبودية والخضوع فهي عبادته سبحانه إذ كل شئ مفروض دونه فهو مقهور خاضع له لا يملك لنفسه ولا لغيره شئ ولا يستقل من الوجود وآثار الوجود بشئ فهو سبحانه الاله المعبود بالحق لا غير.
وقوله: " رب السماوات والأرض وما بينهما " يفيد حجة أخرى على توحده تعالى في الألوهية وذلك أن نظام التدبير الجاري في العالم برمته نظام واحد متصل غير متبعض ولا متجز وهو آية وحدة المدبر، وقد تقدم كرارا أن الخلق والتدبير لا ينفكان