أيضا لان لعن غيره تعالى من الملائكة والناس عليه إنما يكون طردا له حقيقة وإبعادا من الرحمة إذا كان بأمر الله وبإبعاده من رحمته.
قوله تعالى: " قال رب فانظرني إلى يوم يبعثون - إلى قوله - إلى يوم الوقت المعلوم " ظاهر تغير الغاية في السؤال والجواب حيث قال: " إلى يوم يبعثون " فأجيب بقوله: " إلى يوم الوقت المعلوم " أن ما أجيب إليه غير ما سأله فهو لا محالة آخر يوم يعصي فيه الناس ربهم وهو قبل يوم البعث، والظاهر أن المراد باليوم الظرف فتفيد إضافته إلى الوقت التأكيد.
قوله تعالى: " قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين " الباء في " فبعزتك " للقسم أقسم بعزته ليغوينهم أجمعين واستثنى منهم المخلصين وهم الذين أخلصهم الله لنفسه فلا نصيب فيهم لإبليس ولا لغيره.
قوله تعالى: " قال فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين " جوابه تعالى لإبليس وهو يتضمن القضاء عليه وعلى من تبعه بالنار.
فقوله: " فالحق " مبتدء محذوف الخبر أو خبر محذوف المبتدء، والفاء لترتيب ما بعده على ما قبله، والمراد بالحق ما يقابل الباطل على ما يؤيده إعادة الحق ثانيا باللام والمراد به ما يقابل الباطل قطعا والتقدير فالحق أقسم به لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم، أو فقولي الحق لأملأن " الخ ".
وقوله: " والحق أقول " جملة معترضة تشير إلى حتمية القضاء وترد على إبليس ما يلوح إليه قوله: " أنا خير منه " الخ من كون قوله تعالى وهو أمره بالسجود غير حق، وتقديم الحق في " والحق أقول " وتحليته باللام لإفادة الحصر.
وقوله: " لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين " متن القضاء الذي قضى به وكأن المراد بقوله: " منك " جنس الشياطين حتى يشمل إبليس وذريته وقبيله، وقوله: " وممن تبعك منهم " أي من الناس ذرية آدم.
وقد أشبعنا الكلام في نظائر الآيات من سورة الحجر وفي القصة من سور البقرة والأعراف والاسراء فعليك بالرجوع إليها.