والجملة تعليل لقوله: " واذكر " أو لقوله: " عبدنا " أي لتسميته عبدا وإضافته إليه تعالى، والأول أولى.
وقوله: " نعم العبد إنه أواب " مدح له عليه السلام.
قوله تعالى: " واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب اولي الأيدي والابصار " مدحهم بتوصيفهم بأن لهم الأيدي والابصار ويد الانسان وبصره إنما يمدحان إذا كانا يد إنسان وبصر إنسان واستعملا فيما خلقا له وخدما الانسان في إنسانيته فتكتسب اليد صالح العمل ويجري منها الخير على الخلق ويميز البصر طرق العافية والسلامة من موارد الهلكة ويصيب الحق ولا يلتبس عليه الباطل.
فيكون كونهم اولي الأيدي والابصار كناية عن قوتهم في الطاعة وإيصال الخير وتبصرهم في إصابة الحق في الاعتقاد والعمل وقد جمع المعنيين في قوله تعالى: " ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين " الأنبياء: 73 فجعلهم أئمة والامر والوحي لأبصارهم وفعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة لأيديهم (1) وإليه يؤل ما في الرواية من تفسير ذلك بأولي القوة في العبادة والبصر فيها.
قوله تعالى: " إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار " الخالصة وصف قائم مقام موصوفه، والباء للسببية والتقدير بسبب خصلة خالصة، وذكرى الدار بيان للخصلة والدار هي الدار الآخرة.
والآية أعني قوله: " إنا أخلصناهم " الخ لتعليل ما في الآية السابقة من قوله:
" أولي الأيدي والابصار " أو لقوله: " عبادنا " أو لقوله: " واذكر " وأوجه الوجوه أولها، وذلك لان استغراق الانسان في ذكرى الدار الآخرة وجوار رب العالمين وركوز همه فيها يلازم كمال معرفته في جنب الله تعالى وإصابة نظره في حق الاعتقاد والتبصر في سلوك سبيل العبودية والتخلص عن الجمود على ظاهر الحياة الدنيا وزينتها كما هو شأن أبنائها قال تعالى: " فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا