الدين " والمعنى فإذا كان بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين لان فيه ذلك.
والمراد بالدين - على ما يعطيه السياق - العبادة ويمكن أن يراد به سنة الحياة وهي الطريقة المسلوكة في الحياة في المجتمع الانساني، ويراد بالعبادة تمثيل العبودية بسلوك الطريق التي شرعها الله سبحانه والمعنى فأظهر العبودية لله في جميع شؤون حياتك باتباع ما شرعه لك فيها والحال أنك مخلص له دينك لا تتبع غير ما شرعه لك.
قوله تعالى: " ألا لله الدين الخالص " إظهار وإعلان لما أضمر وأجمل في قوله:
" بالحق " وتعميم لما خصص في قوله: " فاعبد الله مخلصا له الدين " أي إن الذي أوحيناه إليك من إخلاص الدين لله واجب على كل من سمع هذا النداء، ولكون الجملة نداء مستقلا أظهر اسم الجلالة وكان مقتضى الظاهر أن يضمر ويقال: له الدين الخالص.
ومعنى كون الدين الخالص له أنه لا يقبل العبادة ممن لا يعبده وحده سواء عبده وغيره أو عبد غيره وحده.
قوله تعالى: " والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى " إلى آخر الآية تقدم أن الوثنية يرون أن الله سبحانه أجل من أن يحيط به الادراك الانساني من عقل أو وهم أو حس فيتنزه تعالى عن أن يقع عليه توجه عبادي منا.
فمن الواجب أن نتقرب إليه بالتقرب إلى مقربيه من خلقه وهم الذين فوض إليهم تدبير شؤون العالم فنتخذهم أربابا من دون الله ثم آلهة تعبدهم ونتقرب إليهم ليشفعوا لنا عند الله ويقربونا إليه زلفى وهؤلاء هم الملائكة والجن وقديسوا البشر وهؤلاء هم الأرباب والآلهة بالحقيقة.
أما الأصنام المصنوعة المنصوبة في الهياكل والمعابد فإنما هي تماثيل للأرباب والآلهة وليست في نفسها أربابا ولا آلهة غير أن الجهلة من عامتهم ربما لم يفرقوا بين الأصنام وأرباب الأصنام فعبدوا الأصنام كما يعبد الأرباب والآلهة وكذلك كانت عرب الجاهلية وكذلك الجهلة من عامة الصابئين ربما لم يفرقوا بين أصنام الكواكب والكواكب التي هي أيضا أصنام لأرواحها الموكلة عليها وبين أرواحها التي هي الأرباب والآلهة بالحقيقة عند خاصتهم.