منقطع والمعنى هو منزه عن وصفهم - أو عما يصفه الكفار به من الأوصاف كالولادة والنسب والشركة ونحوها - لكن عباد الله المخلصين يصفونه تعالى وصفا يليق به - أو بما يليق به من الأوصاف -.
وقيل: إنه استثناء منقطع من ضمير " لمحضرون "، وقيل: من فاعل " جعلوا " وما بينهما من الجمل المتخللة اعتراض، وهما وجهان بعيدان.
وللآيتين باستقلالهما معنى أوسع من ذلك وأدق وهو رجوع ضمير " يصفون " إلى الناس، والوصف مطلق يشمل كل ما يصفه به واصف، والاستثناء متصل والمعنى هو منزه عن كل ما يصفه الواصفون إلا عباد الله المخلصين.
وذلك أنهم إنما يصفونه بمفاهيم محدودة عندهم وهو سبحانه غير محدود لا يحيط به حد ولا يدركه نعت فكلما وصف به فهو أجل منه وكل ما توهم أنه هو فهو غيره لكن له سبحانه عباد أخلصهم لنفسه وخصهم بنفسه لا يشاركه فيهم أحد غيره فعرفهم نفسه وأنساهم غيره يعرفونه ويعرفون غيره به فإذا وصفوه في نفوسهم وصفوه بما يليق بساحة كبريائه وإذا وصفوه بألسنتهم - والألفاظ قاصرة والمعاني محدودة - اعترفوا بقصور البيان وأقروا بكلال اللسان كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو سيد المخلصين: لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك (1) فافهم ذلك.
قوله تعالى: " فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم " تفريع على حكم المستثنى والمستثنى منه أو المستثنى خاصة، والمعنى لما كان ما وصفتموه ضلالا - وعباد الله المخلصون لا يضلون في وصفهم - فلستم بمضلين به إلا سالكي سبيل النار.
والظاهر من السياق أن " ما " في " ما تعبدون " موصولة والمراد بها الأصنام فحسب أو الأصنام وآلهة الضلال كشياطين الجن، و " ما " في " ما أنتم " نافية، وضمير " عليه " لله سبحانه والظرف متعلق بفاتنين، وفاتنين اسم فاعل من الفتنة بمعنى الاضلال و " صالي " من الصلو بمعنى الاتباع فصالي الجحيم هو المتبع للجحيم السالك سبيل النار، والاستثناء مفرغ تقديره ما أنتم بفاتنين أحدا إلا من هو صال الجحيم.