لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون " الأنبياء: 27.
فقوله: " وما منا إلا له مقام معلوم " أي معين مشخص أقيم فيه ليس له أن يتعداه بأن يفوض إليه أمر فيستقل فيه بل مجبول على طاعة الله فيما يأمر به وعبادته.
وقوله: " وإنا لنحن الصافون " أي نصف عند الله في انتظار أوامره في تدبير العالم لنجريها على ما يريد. كما قال تعالى: " لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون " هذا ما يفيده السياق، وربما قيل: إن المراد إنا نصف للصلاة عند الله وهو بعيد من الفهم لا شاهد عليه.
وقوله: " وإنا لنحن المسبحون " أي المنزهون له تعالى عما لا يليق بساحة كبريائه كما قال تعالى: " يسبحون الليل والنهار لا يفترون " الأنبياء: 20.
فالآيات الثلاث تصف موقف الملائكة في الخلقة وعملهم المناسب لخلقتهم وهو الاصطفاف لتلقي أمره تعالى والتنزيه لساحة كبريائه عن الشريك وكل ما لا يليق بكمال ذاته المتعالية.
قوله تعالى: " وإن كانوا ليقولون لو أن عندنا ذكرا من الأولين لكنا عباد الله المخلصين " رجوع إلى السياق السابق.
والضمير في قوله: " وإن كانوا ليقولون " لقريش ومن يتلوهم، و " إن " مخففة من الثقيلة، والمراد بذكر من الأولين كتاب سماوي من جنس الكتب النازلة على الأولين.
والمعنى لو أن عندنا كتابا سماويا من جنس الكتب النازلة قبلنا على الأولين لاهتدينا وكنا عباد الله المخلصين يريدون أنهم معذورون لو كفروا لعدم قيام الحجة عليهم من قبل الله سبحانه.
وهذا في الحقيقة هفوة منهم فإن مذهب الوثنية يحيل النبوة والرسالة ونزول الكتاب السماوي.
قوله تعالى: " فكفروا به فسوف يعلمون " الفاء فصيحة، والمعنى فأنزلنا عليهم الذكر وهو القرآن الكريم فكفروا به ولم يفوا بما قالوا فسوف يعلمون وبال كفرهم