كرر الانكار على اصطفاء البنات من بين لوازم قولهم لشدة شناعته.
ثم ونجهم بقوله: " ما لكم كيف تحكمون " لكون قولهم حكما من غير دليل ثم عقبه بقوله: " أفلا تذكرون " توبيخا وإشارة إلى أن قولهم ذلك - فضلا عن كونه مما لا دليل عليه - الدليل على خلافه ولو تذكروا لانكشف لهم فقد تنزهت ساحته تعالى عن أن يتجزى فيلد أو يحتاج فيتخذ ولدا، وقد احتج عليهم بذلك في مواضع من كلامه.
والالتفات من الغيبة إلى الخطاب للدلالة على اشتداد السخط الموجب لتوبيخهم شفاها.
قوله تعالى: " أم لكم سلطان مبين فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين " أم منقطعة والمراد بالسلطان وهو البرهان كتاب نازل من عند الله سبحانه يخبر فيه أن الملائكة بناته على ما يعطيه السياق إذ لما لم يثبت بعقل أو حس بقي أن يثبت بكتاب من عند الله نازل بالوحي فلو كانت دعواهم حقة وهم صادقون فيها كان لهم أن يأتوا بالكتاب.
وإضافة الكتاب إليهم بعناية فرضه دالا على دعواهم.
قوله تعالى: " وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون " جعل النسب بينه وبين الجنة قولهم: إن الجنة أولاده وقد تقدم تفصيل قولهم في تفسير سورة هود في الكلام على عبادة الأصنام.
وقوله: " ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون " أي للحساب أو للنار على ما يفيده إطلاق " لمحضرون " وكيف كان فهم يعلمون أنهم مربوبون لله سيحاسبهم ويجازيهم بما عملوا فبينهم وبين الله سبحانه نسبة الربوبية والعبودية لا نسب الولادة ومن كان كذلك لا يستحق العبادة.
ومن الغريب قول بعضهم: إن المراد بالجنة طائفة من الملائكة يسمون بها ولازمه إرجاع ضمير " إنهم " إلى الكفار دون الجنة. وهو مما لا شاهد له من كلامه تعالى مضافا إلى بعده من السياق.
قوله تعالى: " سبحان الله عما يصفون إلا عباد الله المخلصين " ضمير " يصفون " - نظرا إلى اتصال الآية بما قبلها - راجع إلى الكفار المذكورين قبل، والاستثناء منه