تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٩١
الله عليه وأما ما لا ينسب إليه تعالى فليس الا ما اختلقه وهم المتوهم أو سرابا صوره الخيال وذلك كالأصنام ليس لها من الحقيقة الا أنها حجارة أو خشبة أو شئ من الفلزات وأما أنها أرباب أو آلهة أو نافعة أو ضارة أو غير ذلك فليست الا أسماء سماها عبدتهم وكالانسان ليس له من الحقيقة الا ما أودعه فيه الخلقة من الروح والجسم وما اكتسبه من صفات الكمال والجميع منسوبة إلى الله سبحانه وأما ما يضيفه إليه العقل الاجتماعي من قوة وسلطة ورئاسة ووجاهة وثروة وعزة وأولاد وأعضاد فليس الا سرابا هالكا وأمنية كاذبة وعلى هذا السبيل سائر الموجودات.
فليس عندها من الحقيقة الا ما أفاض الله عليها بفضله وهي آياته الدالة على صفاته الكريمة من رحمة ورزق وفضل واحسان وغير ذلك.
فالحقيقة الثابتة في الواقع التي ليست هالكة باطلة من الأشياء هي صفاته الكريمة وآياته الدالة عليها والجميع ثابتة بثبوت الذات المقدسة.
هذا على تقدير كون المراد بالهالك في الآية الهالك بالفعل وعلى هذا يكون محصل تعليل كلمة الاخلاص بقوله: (كل شئ هالك الا وجهه) أن الاله وهو المعبود بالحق انما يكون الها معبودا إذا كان أمرا ذا حقيقة واقعية غير هالك ولا باطل له تدبير في العالم بهذا النعت وكل شئ غيره تعالى هالك باطل في نفسه الا ما كان وجها له منتسبا إليه فليس في الوجود اله غيره سبحانه.
والوثنيون وان كانوا يرون وجود آلهتهم منسوبا إليه تعالى ومن جهته الا أنهم يجعلونها مستقلة في التدبير مقطوعة النسبة في ذلك عنه من دون أن يكون حكمها حكمه، ولذلك يعبدونها من دون الله، ولا استقلال لشئ في شئ عنه تعالى فلا يستحق العبادة الا هو.
وههنا وجه آخر أدق منه بناء على أن المراد بالوجه ذات الشئ فقد ذكر بعضهم ذلك من معاني الوجه كما يقال: وجه النهار ووجه الطريق لنفسهما وان أمكنت المناقشة فيه، وذكر بعض آخر: أن المراد به الذات الشريفة كما يقال: وجوه الناس أي أشرافهم وهو من المجاز المرسل أو الاستعارة وعلى كلا التقديرين فالمراد أن غيره تعالى من الموجودات ممكنة والممكن وان كان موجودا بايجاده تعالى فهو معدوم بالنظر
(٩١)
مفاتيح البحث: الهلاك (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست