وليس شئ غيره بهذه الصفة فلا اله الا هو.
وبما تقدم من التقرير يندفع الاعتراض على عموم الآية بمثل الجنة والنار والعرش فان الجنة والنار لا تنعدمان بعد الوجود وتبقيان إلى غير النهاية، والعرش أيضا كذلك بناء على ما ورد في بعض الروايات أن سقف الجنة هو العرش.
وجه الاندفاع ان المراد بالهلاك هو تبدل نشأة الوجود والرجوع إلى الله المعبر عنه بالانتقال من الدنيا إلى الآخرة والتلبس بالعود بعد البدء، وهذا انما يكون فيما هو موجود بوجود بدئي دنيوي، وأما الدار الآخرة وما هو موجود بوجود أخروي كالجنة والنار فلا يتصف شئ من هذا القبيل بالهلاك بهذا المعنى.
قال تعالى: (ما عندكم ينفد وما عند الله باق) النحل: 96، وقال: (وما عند الله خير للأبرار) آل عمران: 198، وقال: (سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد) الانعام: 124، ونظيرتهما خزائن الرحمة كما قال: (وان من شئ الا عندنا خزائنه) الحجر: 21، وكذا اللوح المحفوظ كما قال: (وعندنا كتاب حفيظ) ق: 4.
وأما ما ذكروه من العرش فقد تقدم الكلام فيه في تفسير قوله تعالى: (ان ربكم الله) الآية، الأعراف: 54.
ويمكن أن يراد بالوجه جهته تعالى التي تنسب إليه وهي الناحية التي يقصد منها ويتوجه إليه بها، وتؤيده كثرة استعمال الوجه في كلامه تعالى بهذا المعنى كقوله:
(يريدون وجهه) الانعام: 52، وقوله: (الا ابتغاء وجه ربه الاعلى) الليل: 20، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة جدا.
وعليه فتكون عبارة عن كل ما ينسب إليه وحده فان كان الكلام على ظاهر عمومه انطبق على الوجه الأول الذي أوردناه ويكون من مصاديقه أسماؤه وصفاته وأنبياؤه وخلفاؤه ودينه الذي يؤتى منه.
وان خص الوجه بالدين فحسب - كما وقع في بعض الروايات ان لم يكن من باب التطبيق - كان المراد بالهلاك الفساد وعدم الأثر، وكانت الجملة تعليلا لقوله: (ولا تدع مع الله إلها آخر) وكان ما قبلها قرينة على أن المراد بالشئ الدين والأعمال المتعلقة