تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٨٠
النجم: 30 ولذلك عدوا ما أوتيه قارون من المال سعادة عظيمة له من دون قيد وشرط.
قوله تعالى: (وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا) الخ، الويل الهلاك ويستعمل للدعاء بالهلاك وزجرا عما لا يرتضى، وهو في المقام زجرا عن التمني.
والقائلون بهذا القول هم المؤمنون أهل العلم بالله يخاطبون به أولئك الجهلة الذين تمنوا أن يؤتوا مثل ما أوتى قارون وعدوه سعادة عظيمة على الاطلاق، ومرادهم أن ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا مما أوتى قارون فان كانوا مؤمنين صالحين فليتمنوه.
وقوله: (وما يلقاها الا الصابرون) التلقية التفهيم والتلقي التفهم والاخذ، والضمير - على ما قالوا - للكلمة المفهومة من السياق، والمعنى: وما يفهم هذه الكلمة - وهي قولهم: ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا - الا الصابرون.
وقيل: الضمير للسيرة أو الطريقة ومعنى تلقيها فهمها أو التوفيق للعمل بها.
والصابرون هم المتلبسون بالصبر عند الشدائد وعلى الطاعات وعن المعاصي، ووجه كونهم هم المتلقين لهذه الكلمة أو السيرة أو الطريقة أن التصديق بكون ثواب الآخرة خيرا من الحظ الدنيوي - وهو لا ينفك عن الايمان والعمل الصالح الملازمين لترك كثير من الأهواء والحرمان عن كثير من المشتهيات - لا يتحقق الا ممن له صفة الصبر على مرارة مخالفة الطبع وعصيان النفس الامارة.
قوله تعالى: (فخسفنا به وبداره الأرض) إلى آخر الآية، الضميران لقارون والجملة متفرعة على بغيه.
وقوله: (فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين) الفئة الجماعة يميل بعضهم إلى بعض، وفى النصر والانتصار معنى المنع والامتناع، ومحصل المعنى: فما كان له جماعة يمنعونه العذاب وما كان من الممتنعين على خلاف ما كان يظن أن الذي يجلب إليه الخير ويدفع عنه الشر هو قوته وجمعه اللذان اكتسبهما بعلمه فلم يقه جمعه ولم تفده قوته من دون الله وبان أن الله سبحانه هو الذي آتاه ما آتاه.
فالفاء في قوله: (فما كان) لتفريع الجملة على قوله: (فخسفنا به) الخ، أي فظهر بخسفنا به وبداره الأرض بطلان ما كان يدعيه لنفسه من الاستحقاق والاستغناء
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»
الفهرست