تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٦٣
الهدى وسعادة الحياة الآخرة وهي خير وأبقى.
قوله تعالى: (أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين) الآية إلى تمام سبع آيات ايضاح لمضمون الآية السابقة - وهو أن ايثار اتباع الهدى أولى من تركه والتمتع بمتاع الحياة الدنيا - ببيان آخر فيه مقايسة حال من اتبع الهدى وما يلقاه من الوعد الحسن الذي وعده الله، من حال من لم يتبعه واقتصر على التمتع من متاع الحياة الدنيا وسيستقبله يوم القيامة الاحضار وتبرى آلهته منه وعدم استجابتهم لدعوته ومشاهدة العذاب والسؤال عن اجابتهم الرسل.
فقوله: (أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه) الاستفهام انكاري، والوعد الحسن هو وعده تعالى بالمغفرة والجنة كما قال تعالى: (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عظيم) المائدة: 9، ولا يكذب وعده تعالى قال (الا ان وعد الله حق) يونس: 55.
وقوله: (كمن متعناه متاع الحياة الدنيا) أي وهو محروم من ذلك الوعد الحسن لاقتصاره على التمتع بمتاعها، والدليل على هذا التقييد المقابلة بين الوعد والتمتيع.
وقوله: (ثم هو يوم القيامة من المحضرين) أي للعذاب، أو للسؤال والمؤاخذة و (ثم) للترتيب الكلامي واتيان الجملة اسمية كما فيما يقابلها من قوله: (فهو لاقيه) للدلالة على التحقق.
قوله تعالى: (ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون) الشركاء هم الذين كانوا يعبدونهم في الدنيا وكونهم شركاء عندهم لكونهم يعطونهم أو ينسبون إليهم بعض ما هو من شؤونه تعالى كالعبادة والتدبير، وفى قوله: (يناديهم) إشارة إلى بعدهم وخذلانهم يومئذ.
قوله تعالى: (قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا) آلهتهم الذين يرونهم شركاء لله سبحانه صنفان صنف منهم عباد لله مكرمون كالملائكة المقربين وعيسى بن مريم عليه السلام، وصنف منهم كعتاة الجن ومدعى الألوهية من الانس كفرعون ونمرود وغيرهما وقد ألحق الله سبحانه بهم كل مطاع في باطل
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست