وفى قوله: (وما أموالكم ولا أولادكم) الخ، انتقال إلى خطاب عامة الناس من الكفار وغيرهم والوجه فيه أن ما ذكره من الحكم حكم الأموال والأولاد سواء في ذلك المؤمن والكافر فالمال والولد انما يؤثران أثرهما الجميل إذا كان هناك ايمان وعمل صالح فيهما والا فلا يزيدان الا وبالا.
قوله تعالى: (قل ان ربى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين) قال في مجمع البيان: يقال: أخلف الله له وعليه إذا أبدل له ما ذهب عنه. انتهى.
سياق الآية يدل على أن المراد بالانفاق فيها الانفاق في وجوه البر والمراد بيان أن هذا النحو من الانفاق لا يضيع عند الله بل يخلفه ويرزق بدله.
فقوله في صدر الآية: (قل ان ربى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر) للإشارة إلى أن أمر الرزق في سعته وضيقه إلى الله سبحانه لا ينقص بالانفاق ولا يزيد بالامساك ثم قال: (وما أنفقتم من شئ) قليلا كان أو كثيرا وأيا ما كان من المال (فهو يخلفه) ويرزقكم بدله اما في الدنيا واما في الآخرة (وهو خير الرازقين) فإنه يرزق جودا ورزق غيره معاملة في الحقيقة ومعاوضة، ولأنه الرازق في الحقيقة وغيره ممن يسمى رازقا واسطة لوصول الرزق.
قوله تعالى: (ويوم نحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون) المراد بهم جميعا بشهادة السياق العابدون والمعبودون جميعا.
وقوله: (ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون) ليس سؤال استخبار عن أصل عبادتهم لهم ولو كان كذلك لم يسعهم انكارها لأنهم عبدوهم في الدنيا وقد أنكروها كما في الآية بل المراد السؤال عن رضاهم بعبادتهم على حد قوله تعالى لعيسى ابن مريم: (أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي الهين من دون الله).
والغرض من السؤال تبكيت المشركين واقناطهم من نصرة الملائكة وشفاعتهم لهم وقد عبدوهم في الدنيا لذلك.