تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٣٨٨
قوله تعالى: (وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير) ضميرا الجمع الأول والثاني لكفار قريش ومن يتلوهم والثالث والرابع للذين من قبلهم، والمعشار العشر والنكير الانكار، والمراد به في الآية لازمه وهو الاخذ بالعذاب.
والمعنى: وكذب بالحق من الآيات الذين كانوا من قبل كفار قريش من الأمم الماضية ولم يبلغ كفار قريش عشر ما آتيناهم من القوة والشدة فكذب أولئك الأقوام رسلي فكيف كان أخذى بالعذاب وما أهون أمر قريش. والالتفات في الآية إلى التكلم لاستعظام الجرم وتهويل المؤاخذة.
قوله تعالى: (قل انما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة) المراد بالموعظة الوصية كناية أو تضمينا، وقوله: (أن تقوموا لله) أي تنهضوا لأجل الله ولوجهه الكريم، وقوله: (مثنى وفرادى) أي اثنين اثنين وواحدا واحدا كناية عن التفرق وتجنب التجمع والغوغاء فان الغوغاء لا شعور لها ولا فكر وكثيرا ما تميت الحق وتحيي الباطل.
وقوله: (ما بصاحبكم من جنة) استئناف (ما) نافية ويشهد بذلك قوله بعد:
(ان هو الا نذير لكم بين يدي عذاب شديد) ويمكن أن يكون (ما) استفهامية أو موصولة و (من جنة) بيانا له.
والمراد بصاحبكم النبي صلى الله عليه وآله وسلم نفسه والوجه في التعبير به تذكرتهم بصحبته الممتدة لهم أربعين سنة من حين ولادته إلى حين بعثته ليتذكروا أنهم لم يعهدوا منه اختلالا في فكر أو خفة في رأى أو أي شئ يوهم أن به جنونا.
والمعنى: قل لهم: انما أوصيكم بالعظة أن تنهضوا وتنتصبوا لوجه الله متفرقين حتى يصفو فكركم ويستقيم رأيكم اثنين اثنين وواحدا واحدا وتتفكروا في أمري فقد صاحبتكم طول عمري على سداد من الرأي وصدق وأمانة ليس في من جنة. ما أنا الا نذير لكم بين يدي عذاب شديد في يوم القيامة فأنا ناصح لكم غير خائن.
قوله تعالى: (قل ما سألتكم من أجر فهو لكم) الخ، كناية عن عدم سؤال أجر على الدعوة فإنه إذا وهبهم كل ما سألهم من أجر فليس له عليهم أجر مسؤول
(٣٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 ... » »»
الفهرست