تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٦ - الصفحة ٢٩١
وقوله: (ويعذب المنافقين ان شاء أو يتوب عليهم) أي وليعذب المنافقين ان شاء تعذيبهم وذلك فيما لو لم يتوبوا أو يتوب عليهم ان تابوا ان الله كان غفورا رحيما.
وفى الآية من حيث كونها بيان غاية نكتة لطيفة هي أن المعاصي ربما كانت مقدمة للسعادة والمغفرة لا بما أنها معاص بل لكونها سائقة للنفس من الظلمة والشقوة إلى حيث تتوحش النفس وتتنبه فتتوب إلى ربها وتنتزع عن معاصيها وذنوبها فيتوب الله عليها في الغاية.
قوله تعالى: (ورد الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا) الغيظ الغم والحنق والمراد بالخير ما كان يعده الكفار خيرا وهو الظفر بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين.
والمعنى: ورد الله الذين كفروا مع غمهم وحنقهم والحال أنهم لم ينالوا ما كانوا يتمنونه وكفى الله المؤمنين القتال فلم يقاتلوا وكان الله قويا على ما يريد عزيزا لا يغلب.
قوله تعالى: (وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم - إلى قوله - قديرا) المظاهرة المعاونة، والصياصي جمع صيصية وهي الحصن الذي يمتنع به ولعل التعبير بالانزال دون الاخراج لان المتحصنين يصعدون بروج الحصون ويشرفون منها ومن أعالي الجدران على أعدائهم في خارجها ومحاصريهم.
والمعنى: (وأنزل الذين ظاهروهم) أي عاونوا المشركين وهم بنو قريظة (من أهل الكتاب) وهم اليهود (من صياصيهم) وحصونهم (وقذف) وألقى (في قلوبهم الرعب) والخوف (فريقا تقتلون) وهم الرجال (وتأسرون فريقا) وهم الذراري والنساء (وأورثكم) أي وملككم بعدهم (أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطؤها) وهي أرض خيبر أو الأرض التي أفاء الله مما لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب، وأما تفسيرها بأنها كل أرض ستفتح إلى يوم القيامة أو أرض مكة أو أرض الروم وفارس فلا يلائمه سياق الآيتين (وكان الله على كل شئ قديرا).
(بحث روائي) في المجمع ذكر محمد بن كعب القرظي وغيره من أصحاب السير قالوا: كان من
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»
الفهرست